Tag: انقلاب 25 أكتوبر

ما حقيقة إعفاء السودان من ديونه الخارجية في حال استمرار الحرب سبعة أشهر؟

ما حقيقة إعفاء السودان من ديونه الخارجية في حال استمرار الحرب سبعة أشهر؟

تداول عدد من رواد من موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» ادعاءً يفيد بأن الجيش لا يريد حسم المعركة ويرغب في استمرارها سبعة أشهر أو ثمانية. وبحسب ما ذهب إليه متداولو الادعاء، فإنه «إذا قامت حرب في بلاد واستمرت لمدة سبعة أشهر فما فوق تعفى من ديونها».

 

للتأكد من صحة الادعاء، أجرى فريق «مرصد بيم» بحثًا في الموقع الرسمي «لصندوق النقد الدولي » والموقع الرسمي لـ«البنك الدولي» ولم نجد أي نص أو قانون يفيد بإعفاء دولة ما إذا استمرت الحرب فيها لمدة سبعة أشهر.

وفي بحثنا توصلنا، إلى أن الدول تعفى من ديونها في حالة الفقر الشديد وهو ما يعرف بمبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون «الهيبك»، والسودان من الدول المرشحة لنيل ذلك الإعفاء، نسبة لأنه بلد فقير ومثقل بالديون وليس للأمر علاقة باستمرار لمدة سبعة أشهر كما ذهب متداولو الادعاء.

ولكن هذه العملية تم تعليقها من قبل المؤسسات المالية الدولية، في أعقاب انقلاب 25 أكتوبر 2021.

الخلاصة

ما حقيقة إعفاء السودان من ديونه الخارجية في حال استمرار الحرب سبعة أشهر؟

مفبرك

هل يؤسس بيان الشرطة في 25 أكتوبر لمرحلة جديدة من القمع ضد المتظاهرين السلميين؟

طالبت الشرطة السودانية، يوم الثلاثاء قبل الماضي، بمنحها سلطات استثنائية تمكنها من عقد محاكمات إيجازية، لتحقيق ما وصفتها بـ”العدالة الناجزة“، وفق بيان أصدرته عقب تظاهرات 25 أكتوبر التي خرجت بالعاصمة الخرطوم وعدة مدن ولائية أخرى في الذكرى الأولى لانقلاب الجيش على الحكومة الانتقالية.

وناشدت الشرطة، حسب البيان، وزارة العدل و”الجهاز التشريعي” بسن تشريعات استثنائية “تمكنها من مواجهة تلك الجماعات لحماية القوات لتباشر مهامها وواجباتها لحسم الفوضى وردع وتقديم الجناة للعدالة الناجزة والمحاكمات الإيجازية في مواجهة الجرائم ضد الدولة وحيازة الأسلحة والمخدرات وإيواء المتفلتين لبسط هيبة الدولة وإحكام سيادة القانون حفاظاً على أمن الوطن والمواطن”.

وتأتي مطالب الشرطة، عقب اتهامات أطلقتها في البيان نفسه عن وجود تشكيلات عسكرية بالتظاهرات.

وخلال عام من انقلاب 25 أكتوبر، قتل 119 متظاهراً سلمياً، وأصيب الآلاف بالرصاص المطاطي وعبوات الغاز المسيل للدموع وسلاح الخرطوش المتناثر، حيث أظهرت مقاطع مصورة عشرات الانتهاكات للشرطة، بما في ذلك إطلاق الرصاص الحي تجاه المتظاهرين، واقتحام مقار وسائل إعلام ومنشآت طبية، وغيرها من الانتهاكات.

وامتداداً لانتهاكات الشرطة، لقي مواطن حتفه، في شهر أكتوبر الماضي، جراء تعرضه لتعذيب داخل أحد أقسام الشرطة بالخرطوم، حسبما أكد تقرير طبي رسمي. 

كما فرضت وزارة الخزانة الأميركية، في مارس الماضي، عقوبات على شرطة الاحتياطي المركزي ذات الطابع العسكري بسبب ارتكابها انتهاكات واسعة بحق المتظاهرين السلميين.

ومع اقتراب العام الرابع لاندلاع ثورة ديسمبر 2018م التي أطاحت بنظام الرئيس المخلوع، عمر البشير، مثّل الالتزام بالسلمية أحد مبادئ الثورة الرئيسية، ولم يتبنَ المتظاهرون أي دعوات للعنف، في الوقت الذي أبدت فيه الشرطة مواقف عديدة ومتضاربة بشأن مهامها الموكلة إليها، رغم تغيير قيادتها عدة مرات خلال الفترة الانتقالية.

في نهاية يناير 2019م، أثناء ثورة ديسمبر، قتل المعلم أحمد الخير، تحت التعذيب أثناء اعتقاله ونقله من مدينته خشم القربة إلى مدينة كسلا شرقي البلاد، وقتها ادعت الشرطة أنه مات بسبب مرضه أثناء التحقيق، لكن تقارير طبية عرضت في المحكمة لاحقاً، أثتبت تعرضه للتعذيب حتى الموت، قبل أن تدين المحكمة 29 متهماً بجريمة قتله، وتحكم عليهم بالإعدام. 

وبالعودة إلى بيان الشرطة الأخير الذي رفضته لجان المقاومة قائدة الاحتجاجات وقوى الحرية والتغيير وأحزاب أخرى ومنظمات حقوقية ومدنية، فإنه يأتي وفق إفاداتهم كمحاولة لشرعنة العنف ضد المتظاهرين السلميين بموجب القانون، كما رأت أنه يعني مزيداً من العنف. 

كما أعاد بيان الشرطة المطالب القديمة المتجددة بضرورة إصلاحها لتكون جهازاً حيادياً ومستقلاً، خاصة وأنها تعاملت بإزدواجية مع مسيرة دعت إليها مجموعات موالية لحزب المؤتر الوطني المحلول، يوم 29 أكتوبر الماضي بالعاصمة الخرطوم. 

إقالة‌ ‌مدير‌ ‌الشرطة؟‌ ‌أم‌ ‌إصلاح‌ ‌المؤسسة‌ ‌نفسها؟‌

مع بيانها في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، تكون الشرطة، قد توجت عاماً كاملاً من الانتهاكات بحق المتظاهرين السلميين عقب الانقلاب، بالدعوة إلى مزيد من القمع المقنن بالتشريعات. يعتقد بعض الخبراء، أن إصلاح جهاز الشرطة يجب أن يكون من أولويات أول حكومة مدنية مقبلة.

يقول الخبير القانوني والقاضي السابق، سيف الدولة حمدنا الله، إن رئيس الوزراء السابق، عبد الله حمدوك، لم يفطن إلى أن سلطته تشمل وزارة الداخلية، إلا قبل أشهر من انقلاب البرهان، حينها قام بعزل ضابط برتبة فريق شرطة تحت ضغط الجماهير. 

وأضاف حمدنا الله “قبل ذلك التاريخ لم يجد حمدوك من ينصحه بأن سلطة المكون العسكري بالوثيقة الدستورية تنحصر فقط في ترشيح أسماء شاغلي وزارتي الداخلية والدفاع، وأن هذا الترشيح لا يُخرِج أي من الوزيرين عن نطاق سلطته عليهما كرئيس للوزراء، تماماً كما هو حال سلطة قوى الحرية والتغيير في ترشيح سائر بقية الوزراء.”

وتابع الخبير القانوني “هذا التلكؤ في الفهم هو الذي فوّت على رئيس الوزراء وحكومته فرصة اتخاذ خطوات كانت ضمن سلطته والتي كان من شأنها إصلاح جهاز الشرطة وتنظيفها من القتَلة والمؤدجلين الذين يحصدون الآن أرواح الشباب بلا رحمة، وإحلالهم بضحايا الإنقاذ من مفصولي الشرطة، وبتنظيم دورات تدريب سريعة لتخريج أعداد كبيرة من ضباط وأفراد الشرطة من بين شباب الثورة المؤمنين بها وبأهدافها”.

“شيء من هذا لم يحدث، ولكن ذلك يجب أن يكون من أولى أولويات الحكومة المدنية القادمة”، يوضح حمدنا في مقال نشره عقب بيان الشرطة في يوم 25 أكتوبر الماضي.

"من خلال بيانها في يوم 25 أكتوبر الماضي، تحاول الشرطة شيطنة الحراك الثوري للشارع الذي ظل يقاوم الانقلاب منذ حدوثه، كما تحاول أيضاً اكتساب مشروعية إضافية لممارسة القمع المفرط"، يقول الخبير القانوني والناشط الحقوقي عبد الباسط الحاج لـ(بيم ريبورتس). 

ويضيف الحاج “بالعودة إلى تاريخ هذه القوات في التعامل مع المتظاهرين، فإننا نجد أن العنف الموجه والقتل والسحل كان من صميم التعليمات الأساسية لها في التعامل مع أي حراك سلمي للجان المقاومة والتجمعات السلمية الرافضة للانقلاب”.

ورأى الحاج، أن أكبر دليل على ذلك، ارتفاع سجل انتهاكات حقوق الإنسان بشكل خطير بعد الانقلاب، حيث ابتعث مجلس حقوق الإنسان مفوضاً خاصاً للسودان لمراقبة أوضاع حقوق الإنسان. بالإضافة إلى أن عدد القتلى المباشر وصل إلى حوالي 120 بجانب آلاف المصابين، لافتاً إلى أن هذا يدل على أن القتل والعنف كان منظماً وأن المتظاهرين كانوا أهدافاً مباشرة. 

“طلب الشرطة بمنحها صلاحيات استثنائية في التعامل مع المتظاهرين، يظهر “النية المبيتة وسبق الإصرار على ارتكاب المزيد من العنف وهو انتهاك صارخ لحقوق الانسان”، يقول الحاج.

ويعقد مقارنة بين تعامل الشرطة مع مسيرة أنصار حزب المؤتمر الوطني المحلول يوم 29 أكتوبر وتظاهرات لجان المقاومة، قائلاً: “الشرطة لم تطلق عبوات الغاز المسيل للدموع، ولم تعتقل ولم تضرب ولم تقتل، مع أن المسيرة نفسها كان فيها تحريض على العنف وتهديدات بالقتل للدبلوماسين الأجانب وبعثة الأمم المتحدة في السودان”.

مضيفاً “رغم ذلك لم تتعامل معهم الشرطة بعنف، ما يعني أن الشرطة لم تكن محايدة إطلاقاً، بل هي منحازة لجهاز الدولة الإجرامي وتدافع عن الانقلاب وتدعم عودة الجبهة الإسلامية مرة أخرى”.

ورأى المدافع الحقوقي، أن هذه المواقف تثبت “ما كنا نقوله مراراً، بأن جهاز الشرطة تشوه بسياسات حزب المؤتمر الوطني المحلول، وقد تم تصميمه مسبقاً على حمايته، وهذا ما ظلت تؤكده الشرطة كل مرة بمواقفها”.

وأضاف “لم تقم الشرطة في جميع الأحداث السابقة بتسليم أفرادها في الدعاوى المفتوحة ضدهم ولم تبدِ النية في محاسبة المتورطين في عمليات القتل التي تمت،  بل على العكس ما زالت تبحث عن صلاحيات إضافية لممارسة إجرامها”. وتابع الحاج قائلاً “هذا يقودني إلى التأكيد على أهمية الإصلاح وبناء عقيدة جديدة لرجال الشرطة تحافظ على النظام وتحمي المواطن وتنفذ القانون وتحمي الدستور والحقوق الدستورية”.

ويعتقد خبراء آخرون، أن الشرطة تجاوزت أدوارها ومهامها المعروفة، منتقلة إلى ممارسة السياسة.

يقول عضو اللجنة القانونية لقوى الحرية والتغيير مشعل الزين لـ(بيم ريبورتس)، إن بيان الشرطة الأخير “ذو طابع سياسي تحاول فيه إيجاد مبررات لممارسة العنف تجاه الثوار السلميين”، مشيراً إلى أنها -الشرطة- أصبحت تمارس السياسة متجاوزة بذلك دورها المدني الطليعي في حماية المواطنين والمجتمع.

وأوضح الزين، أن بيان الشرطة في يوم 25 أكتوبر الماضي، أعطاها صلاحيات في التعامل مع المواكب حسب ما يتطلبه الوضع. بجانب صلاحيات السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وهو ما اعتبره تحويل رجل الشرطة إلى قاض ومشرع، قبل أن يوضح أنه غير مؤهل لتصبح كل هذه السلطات الثلاث في يده.

ورأى عضو اللجنة القانونية لقوى الحرية والتغيير، أن البيان له انعكاساته التي ظهرت لاحقاً في موكب 30 أكتوبر الذي زادت فيه الشرطة حجم القمع، رغم عدم أخذها الموافقة على القرارت بعد من الجهات المختصة مثل الأجهزة القضائية والنائب العام. قبل أن يشير إلى أن الشرطة تعاملت بشكل مختلف مع مسيرة أنصار حزب المؤتمر الوطني المحلول في 29 أكتوبر، لافتاً إلى أنها وفرت الدعم اللوجستي والأمني للمسيرة.

“الغرض من بيان الشرطة، ضرب الثوار والثورة وكل مراحل وأشكال المقاومة منذ الانقلاب وحتى اليوم”، يوضح الزين، مشيراً إلى أن نهج سلطة الأمر الواقع، “يمضي في اتجاه فتوى قتل المتظاهرين التي قدمها شيوخ ينتمون للنظام البائد مثل عبد الحي يوسف”، في الوقت الذي اعتبر فيه أن مثل هذه التصرفات لن تؤثر “على الثوار ومبادئهم”.

وبشأن عملية إصلاح الشرطة، قال إن قوى الحرية والتغيير كانت قد شرعت “في الفترة الانتقالية”، في صياغة مشروع قانون الأمن الداخلي لإصلاح الشرطة والأجهزة الأمنية، معتبراً أنه المخرج الحقيقي لأزمة الشرطة.

وأشار إلى أن الشرطة، مرت بمراحل مختلفة ما بعد الاستقلال، كانت تؤدي فيها عملها بشكل مستقل، “قبل أن يتم تدجينها وتحويلها لجهات تنفذ مخططات سياسية بعد تعاقب الأنظمة الأيدولوجية في البلاد”، موضحاً أن مشروع قانون جهاز الأمن الداخلي، كان يعمل على تقديم واجهات متعلمة ومتدربة وواعية بالسلوك العام وذات ارتباط بالثورة.

وحسب الزين، فإن الجهاز المقترح كان قد وضعت له كل الوسائل التي تجعل الشرطة تخرج من أزمتها الحالية وممارسة مهامها وفق عقيدة وطنية ومهنية وليس لديها أغراض، معتبراً أن الأوضاع الحالية لن تساعد في القضاء على مساوئ الأجهزة الشرطية التي قال إنها  تعاني في جميع وحداتها سواء الجنائية أو الاحتياطي المركزي أو الأمنية.

ومن بين العقبات الرئيسية التي تواجه إصلاح جهاز الشرطة، وفقاً للزين، هي أن جميع قيادات الشرطة الحالية تدين بالولاء لحزب المؤتمر الوطني المحلول.

ومع إصدار الشرطة للبيان، زادت حدة عناصرها تجاه المتظاهرين السلميين، وهو الأمر الذي أظهره العنف الذي واجهت به موكب 30 أكتوبر الماضي، لكن رغم ذلك واجه المتظاهرون القمع بالسلمية مع إصرارهم على مواصلة المواكب بإعلانهم جدول مواكب نوفمبر الحالي دون اكتراث للبيان والعنف الأخير.

هل تنهي مقاومة السودانيين غير المسبوقة لانقلاب 25 أكتوبر ممارسة الجيش للسياسة؟

قدرنا أننا الجيل الذي سيدفع تكلفة نهاية الانقلابات العسكرية ولن نؤجل هذه المعركة“. شكّل هذا الشعار الذي أطلقته لجان المقاومة، بوصلة للسودانين، في مقاومتهم المستمرة لانقلاب 25 أكتوبر 2021م، في سعيهم الحثيث لإقامة حكم مدني ديمقراطي.

ولا تعد الانقلابات العسكرية، باستيلاء الجيش على السلطة، حدثاً جديداً، في تاريخ السياسة السودانية ما بعد الاستقلال. لكن، في 25 أكتوبر 2021م، خرّق الجيش عادته الراسخة بتقويض الحكومات المنتخبة، بتنفيذه أول انقلاب على حكومة انتقالية أتت بعد ثورة شعبية، وهو الأمر الذي صحبته بالمقابل أول مقاومة جماهيرية شعبية لانقلاب عسكري في تاريخ البلاد، بدأت منذ الساعات الأولى لوقوعه فجر الاثنين 25 أكتوبر 2021م، وما زالت مستمرة حتى الذكرى الأولى لتنفيذه.

ففي انقلابات؛ 17 نوفمبر 1958م، 25 مايو 1969م و30 يونيو 1989م، التي نفذها الجيش ضد حكومات منتخبة، استطاعت النخب العسكرية التي استولت على السلطة، فرض الأمر الواقع خلال ساعات وأيام معدودة. فبينما شكّل انقلابي 17 نوفمبر و25 مايو حكومتيهما في اليوم الأول لاستيلائهما على السلطة، شكّل انقلاب 30 يونيو حكومته بعد عدة أيام، لكن بالنسبة لانقلاب 25 أكتوبر لم يتمكن من تشكيل حكومة، حتى بعد مرور عام على تنفيذه.

ما قبل الانقلاب

لم تكن البيئة السياسية والإشارات التي سبقت قيام انقلاب 25 أكتوبر استثناءً من بقية الانقلابات العسكرية في البلاد. ففي 24 أكتوبر 2021م، وصل التوتر ذروته بين المدنيين والعسكريين الذين اتفقوا على تشكيل حكومة انتقالية في 17 أغسطس 2019م، في أعقاب إطاحة نظام الرئيس المخلوع، عمر البشير، في أبريل من العام نفسه، عبر ثورة شعبية امتدت لعدة أشهر. بجانب التوترات، وقعت سلسلة من الأحداث المفصلية، بدأت في سبتمبر، بإغلاق شرق السودان، ومحاولة انقلابية فاشلة في الخرطوم، وانتهت باعتصام القصر الجمهوري، جعلت جميع هذه الأحداث من الانقلاب أمراً واقعاً في فجر يوم الاثنين 25 أكتوبر 2021م. 

رغم الإشارات الدالة عليه، إلا أن توقيت انقلاب 25 أكتوبر بدا مفاجئاً، في ظل وجود مسؤول أمريكي رفيع في البلاد، والذي كان يجري مباحثات مع جميع أطراف الأزمة، بمن فيهم رئيس مجلس السيادة الانتقالي، وقتها، عبد الفتاح البرهان. 

عشية الانقلاب، في مساء 24 أكتوبر، عقد المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي السابق، جيفري فيلتمان، اجتماعاً منفرداً للمرة الثانية مع رئيس الوزراء السابق، عبد الله حمدوك، كان قد سبقه اجتماع ثلاثي ضم إلى جانب حمدوك، القائد العام للجيش، عبد الفتاح البرهان، وقائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي). حيث أكد البرهان في ذلك الاجتماع “حرص القوات المسلحة على الانتقال الديمقراطي”.   

 بعثت تصريحات البرهان الطمأنينة لدى المسؤول الأمريكي، خاصة تلك المتعلقة بعدم السماح بحدوث أي انقلاب من شأنه عرقلة الانتقال الديمقراطي بالبلاد، وضرورة الاحتكام إلى الوثيقة الدستورية. واستجابة لذلك، نشرت السفارة الأمريكية في السودان بحسابها على فيسبوك، تأكيد فيلتمان “دعم الولايات المتحدة لانتقال ديمقراطي مدني وفقًا للرغبات المعلنة للشعب السوداني”. 

لكن، كل ذلك لم يمنع البرهان أن يعلن، بعد أقل من 24 ساعة، عن فرض حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد، وحل مجلسي السيادة والوزراء، وتعليق العمل ببعض المواد في الوثيقة الدستورية، سبق كل ذلك اعتقال رئيس الوزراء وعدداً من  أعضاء الحكومة الانتقالية.

وكان المسؤول الأمريكي الرفيع، قد أعرب عن تفاؤله بتجاوز الأزمة السياسية في البلاد، عقب اجتماعه مع حمدوك،  قبل أن يستقل في وقت مبكر من صباح 25 أكتوبر الطائرة عائداً إلى بلاده، وقتها بدأت عملية اعتقال قادة الحكومة الانتقالية، بمن فيهم حمدوك. 

بداية الانقلاب

أتى انقلاب 25 أكتوبر الذي نفذه القائد العام للجيش، عبد الفتاح البرهان، قبل أقل من شهر على موعد تسلم المدنيين لرئاسة مجلس السيادة الانتقالي في 17 نوفمبر 2021م والتي كان من المفترض أن تستمر حتى قيام  انتخابات عامة، حسب اتفاق الوثيقة الدستورية، الموقع بين الطرفين.

فمع تأزم الوضع السياسي والتوجهات المعلنة للعسكريين بتقويض الفترة الانتقالية، كان وقوع انقلاب 25 أكتوبر مسألة وقت وحدثا متوقعا يتداوله الكثيرون في أحاديثهم وعلى مواقع التواصل الاجتماعي وكان الواقع السياسي يرويه بوضوح تام، لكن ذلك لم يخفف من روع السودانيين عند اصطدامهم بحقيقة تلك التوقعات، عندما استيقظوا في ذلك اليوم ليواجهوا أحداثاً ضبابية وشائعات لا مفر أن تروى نسبة لانفصالهم عن العالم وعن بعضهم البعض، حيث لم يكن هناك أي وسيلة تواصل متاحة فقد قطعت السلطات الانترنت والمكالمات قبل أن يطل فجر ذلك اليوم. 

لكن السودانيين كانوا قد تسلحوا بتاريخهم الطويل مع الانقلابات العسكرية، فكان الأمر واضحاً، ففي هذه المرة لم ينتظر السودانيون سماع صوت المارشات العسكرية التي تعلن عن بيان انقلابي على تلفزيون السودان القومي أو الإذاعة كما جرت العادة، وانطلقوا إلى الشوارع قبل بزوغ الشمس يرددون هتافات مناهضة للانقلاب على الحكومة الانتقالية، مستخدمين جميع أنواع الاحتجاجات السلمية من حرق للإطارات وإغلاق للشوارع الرئيسية.

بيان الانقلاب

تأخر البرهان لأكثر من 8 ساعات في قراءة بيانه الذي استغرقت تلاوته على التلفزيون القومي دقائق معدودة، الأمر الذي لم يعتده السودانيون في الانقلابات السابقة. كما لم يعتد العسكر على ظهور معارضيهم في الشوارع قبل صدور البيان حتى. أكثر من 8 ساعات، كسر الثوار فيها أطواقاً أمنية عدة وأغلقت شوارع رئيسية وفرعية، ونفد وقود المتظاهرين لإشعال إطاراتهم، والذين نجحوا في إصابة البلاد بشلل تام يعبر ضمنياً عن غضبهم إزاء هذه الأحداث، في تلك الأثناء كان تلفزيون السودان ينبه إلى بيان “عاجل” بعد قليل، بعد أن بث ما في أرشيفه من مارشات عسكرية وأغانٍ وطنية وثورية لمغنيين قدماء وثورات سابقة.

وبعد طول انتظار، ظهر البرهان في بث مباشر يتلو بياناً يعلم الجميع غالبية فحواه، ليبدأ بيانه بافتتاحية يتحدث فيها عن عز وشموخ السودانيين ويشيد بقوتهم ورفضهم الحاسم للحكومات التي لا تؤمن (بالحرية، السلام، والعدالة) في تناقض فادح لكون تلك الكلمات مقدمة بيان انقلابي. وفي الوقت نفسه، الذي كان الآلاف يحتلون الشوارع احتجاجاً على الانقلاب.

أردف البرهان قائلا:“نؤكد مضي القوات المسلحة في إكمال التحول الديمقراطي، حتى تسليم قيادة الدولة لحكومة مدنية منتخبة”. وردت هذه العبارة في بيان الانقلاب، وأشار البرهان إلى الصراع بين شركاء الفترة الانتقالية، والذي وصفه بأنه تهديد لأمن الوطن ووحدته وسلامه. وعلى ضوء ذلك، نفذ البرهان انقلابه الذي أطلق عليه (إجراءات 25 أكتوبر التصحيحية) والتي قضت باعتقال قادة السلطة المدنية المشاركة له في الفترة الانتقالية، وإعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد ثم حل مجلسي السيادة والوزراء وإعفاء جميع ولاة الولايات من مناصبهم.

بالإضافة لتجميد عمل لجنة تفكيك نظام ال30 من يونيو، وهكذا قضى السودان تلك الليلة بلا حكومة وتلتها ليال عدة مشابهة تحكي فشل الانقلاب الذريع في التحرك بالبلاد نحو مربع جديد.

ردود الفعل الدولية

تباينت ردود الفعل الدولية على الانقلاب، باعتبار أن المجتمع الدولي كان منخرطاً في الأزمة السياسية ما قبل الانقلاب، بجانب أن تنفيذ الانقلاب تم بعد ساعات قليلة من اجتماع المبعوث الأمريكي، جيفري فيلتمان، مع رئيس الوزراء السابق،عبد الله حمدوك، والقائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان، حيث طمأن الأخير المبعوث الأمريكي، والذي عبر عن تفاؤله بوجود مخرج للأزمة الحالية في السودان.

لذلك سارعت الولايات المتحدة في إعلان رفضها القاطع لما وصفته بـ”استيلاء الجيش على السلطة” وتوعدت الحكومة الانقلابية بقطع مساعدتها في حالة فرض أي تغييرات بالقوة. أما بالنسبة للاتحاد الأوروبي، فقد أعرب عن قلقه إزاء الأحداث، حيث غرد الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، على منصة تويتر أنهم يتابعون الأحداث الجارية في السودان، وأضاف:”الاتحاد الأوروبي يدعو جميع المعنيين والشركاء الإقليميين لإعادة العملية الانتقالية لمسارها الصحيح“. 

أما الاتحاد الأفريقي من جهته، فقد أعرب عبر مفوضيته عن قلقه البالغ إزاء الوضع في السودان، ودعت مفوضة الاتحاد الأفريقي إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين. 

وكان موقف الأمم المتحدة مشابها حيث نشرت على حساب البعثة الأممية بيان لرئيس البعثة (فولكر بيرتس) يتحدث عن “انقلاب جار في السودان” وكتب بيرتس معلقاً على الوضع “الاعتقالات التي طالت رئيس الوزراء و المسؤولين الحكوميين والسياسيين غير مقبولة“. ودعا في حديثه قوات الأمن لإطلاق سراح المعتقلين.

لم يختلف موقف المملكة العربية السعودية فقد شددت بدورها في بيان من الخارجية السعودية على “أهمية ضبط النفس والتهدئة وعدم التصعيد و الحفاظ على ما تحقق من مكتسبات سياسية و اقتصادية لحماية وحدة الصف بين المكونات السياسية في السودان“.

عام يسدل ستاره على الخامس والعشرين من أكتوبر، الانقلاب الذي بدأت مقاومته منذ اللحظات الأولى، وما تزال مستمرة، برغم العنف والتقتيل الذي تمارسه القوات الأمنية المختلفة في حق المتظاهرين، والتي حصدت 118 شهيداً، كان آخرهم عيسى عمر، يوم أمس 23 أكتوبر، بحي الصحافة بالخرطوم، حيث تلقى رصاصة مباشرة في الصدر.

وحتى المتظاهرين الذين نجوا من الموت، لم ينجوا من الإصابات، فالعنف واستخدام الرصاص، والغاز المسيل للدموع، والاعتداءات بالضرب والتعذيب تسببت في 1074 إصابة بلغية، مع ثلاثة حالات اعتداء جنسي. وعلاوة على ذلك، تشهد عدداً من مناطق السودان؛ النيل الأزرق ولقاوة (غرب كردفان) صراعات أهلية دامية راح ضحيتها المئات، وشردت عشرت الآلاف، وسط صمت كامل من قبل حكومة الأمر الواقع.

خارطة تفاعلية لأحداث العنف والنزاعات المسلحة في السودان ما بعد انقلاب 25 أكتوبر

ضمن وعود كثيرة وعديدة، شملت حفظ الأمن وتحقيق الاستقرار وإنفاذ اتفاق سلام جوبا، وحماية المدنيين في إقليم دارفور، تلا القائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح الفتاح البرهان، بيان انقلابه في 25 أكتوبر الماضي.

لكن، فضلاً عن تدهور الوضع الاجتماعي والسياسي والخدمي والاقتصادي، تفجرت أحداث عنف ونزاعات مسلحة سقط بسببها المئات ونزح عشرات الآلاف، خصوصاً في إقليم دارفور.

بدءاً من ولاية غرب دارفور، أقصى غربي السودان، مروراً بولايتي شمال وغرب كردفان، وشرقاً ولايتي كسلا والقضارف وانتهاء بإقليم النيل الأزرق، جنوب شرقي البلاد، سقط المئات ضحايا للنزاعات المسلحة، فيما عرفت ولايات أخرى، بينها الخرطوم، أحداث عنف تسببت فيها قوات الأمن خلال التظاهرات الرافضة للانقلاب العسكري والمؤيدة للديمقراطية، سقط فيها عشرات القتلى وآلاف الجرحى.

تُظهر الخريطة أدناه التي أعدتها (بيم ريبورتس)، بالأرقام والتفاصيل، أحداث العنف والنزاعات المسلحة التي وقعت بعد انقلاب 25 أكتوبر، وسيعمل فريق (بيم ريبورتس) على تحديثها بصورة دورية.

المصدر: مشروع بيانات مواقع النزاع المسلح وأحداثه (ACLED)

اضغط على الخارطة التفاعلية أدناه لمعرفة المزيد من التفاصيل أو تصنيف البيانات حسب تاريخ الحدث، نوع الحدث، أو موقع الإصابة (الولاية).

لإلغاء خاصية التصنيف (Filter)، اضغط Clear Selection في الرسالة التوضيحية، أو اضغط Reset أسفل الرسم البياني. 

مجلس الأمن الدولي لم يطلب تسليم المسؤولين عن انقلاب 25 أكتوبر في السودان إلى المحكمة الجنائية الدولية

ما صحة المنشور الرائج حول طلب مجلس الأمن الدولي تسليم انقلابيي 25 أكتوبر في السودان إلى المحكمة الجنائية الدولية؟

ما صحة المنشور الرائج حول طلب مجلس الأمن الدولي تسليم انقلابيي 25 أكتوبر في السودان إلى المحكمة الجنائية الدولية؟

تداولت العديد من الصفحات والحسابات الشخصية والمجموعات، التي يتابعها عشرات الآلاف من روّاد موقع (فيسبوك) المنشور التالي:- 

" أجاز مجلس الأمن الدولي تقرير المدعي العام للجنائية الدولية والذي تضمن ادانة الانقلاب العسكري الذي حدث في السودان في ٢٥ أكتوبر الماضي وانهي الحكم المدني وأن الانقلاب يعتبر انتهاك للقانون الدولي ولحقوق الإنسان ويطالب بتقديم الانقلابيين إلى المحكمة الدولية ان لم تتوفر محاكمتهم داخليا فيما يلي بيان مجلس الأمن".

وارفق متداولو المنشور مقطع فيديو لإفادة إعلامية يتحدث فيها السفير خوان رامون دي لا فوينتي، الممثل الدائم لجمهورية المكسيك بالأمم المتحدة، بالإنابة عن الدول أعضاء مجلس الأمن الأطراف بنظام روما الأساسي الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية.

وادعى متداولو المنشور إن افادة السفير تضمنت طلب من مجلس الأمن بتسليم قادة انقلاب 25 أكتوبر في السودان إلى المحكمة الجنائية الدولية.

يشير فريق (بيم ريبورتس) إلى أن الإفادة الإعلامية في الفيديو المتداول، كانت بتاريخ 17 يناير 2022م، وبالفعل أعرب المتحدث في الإفادة، السفير خوان رامون، عن بالغ القلق لما أسماه بـ “الاستيلاء العسكري على السلطة في السودان في 25 اكتوبر”.

إلا أن حديث السفير لم يتضمن أية  إشارة أو تصريح حول تسليم المسؤولين عن انقلاب 25 أكتوبر إلى المحكمة الجنائية الدولية.

حديث السفير خوان بشكل عام كان عن تقرير المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الذي قدمه إلى مجلس الأمن، وأشار إلى مذكرة التفاهم الموقعة بين السودان والمحكمة فيما يتعلق بالمطلوبين لدى المحكمة.

وفيما يلي تقدم (بيم ريبورتس) ترجمة للإفادة الإعلامية التي أدلى بها السفير خوان رامون، في الفيديو المتداول:

” سأدلي بهذا البيان نيابةً عن الدول أعضاء مجلس الأمن، الأطراف في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (ألبانيا ، البرازيل ، فرنسا ، الجابون ، غانا ، أيرلندا  ، النرويج ، المملكة المتحدة، وبلدي المكسيك).

نشكر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ، السيد كريم خان، لعرض التقرير الرابع والثلاثين لمجلس الأمن حول الوضع في دارفور، وفق القرار 1593.

ندعو جميع الدول إلى تكثيف الجهود لتأمين اعتقال وتسليم جميع المتهمين لدى المحكمة الجنائية الدولية بشكل عام إلى المحكمة.

نرحب بزيارة المدعي العام إلى السودان والتي اختتمت بتوقيع مذكرة تفاهم في 12 أغسطس 2021م، ولأول مرة احتوت مذكرة التفاهم هذه تعاون حكومة السودان مع مكتب المدعي العام ليشمل التزامات بالتعاون فيما يتعلق بالمطلوبين الأربعة غير المحتجزين حالياً لدى المحكمة.

 نعرب عن قلقنا البالغ تجاه الاستيلاء العسكري على السلطة في السودان، في 25 أكتوبر 2021م، وندعو مجدداً جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، والامتناع عن استخدام العنف والتأكيد على أهمية الاحترام التام لحقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير.

أيضاً، نشعر بالقلق من أن عدم الاستقرار السياسي يؤثر على الوضع الأمني في دارفور ، وندعو السودان إلى تقديم دعمه الكامل وتعاونه مع مكتب المدعي العام.

ختاماً، نشجع جميع الدول للتعاون التام في تنفيذ ولايتها المهمة لضمان العدالة لضحايا أخطر الجرائم بموجب القانون الدولي، نؤكد دعمنا الثابت للمحكمة الجنائية الدولية كمؤسسة مستقلة ومحايدة وقضائية يُلجأ إليها كملاذ أخير لترسيخ نظام العدالة للجرائم الدولية الجسيمة التي تستند اساساً إلى اختصاص المحاكم الوطنية، في هذا الصدد نرحب بالتزام المدعي العام بالمبدأ الأساسي للتكامل، تتحمل السلطات الوطنية المسئولية الأساسية عن التحقيق في جرائم ميثاق روما ومقاضاة مرتكبيها، ولا تتدخل المحكمة الجنائية الدولية إلا عندما تكون الدول غير راغبة أو غير قادرة على تنفيذ الإجراءات الوطنية.”

من الترجمة أعلاه، يتضح أن الصفحات التي تداولت المنشور والفيديو قد أوردت بعض الحقائق المذكورة في الفيديو، مثل إبداء الدول قلقها لـ(استيلاء العسكريين على السلطة في السودان)، لكن المنشور أورد عبارات لم تُذكر في الفيديو، وهي مطالبة مجلس الأمن بتسليم قادة انقلاب 25 أكتوبر إلى المحكمة الجنائية الدولية. وتعتبر هذه الممارسة تضليلاً للرأي العام.

أدناه الصفحات والحسابات التي تداولت المنشور والفيديو بطريقة ربط مضللة: 

م

إسم الصفحة / الحساب / المجموعة

عدد المتابعين

1

محمد علي

حساب شخصي

2

سودانيز بوست

111 ألف متابع

3

سودانا ظابط

22 ألف متابع

4

الوثائقية السودانية لثورة ديسمبر 2018

مجموعة – 206 ألف عضو

5

صديق الفكي

حساب شخصي- 20,056 متابع

6

حنان عبدالله

حساب شخصي – 20,261 متابع

الخلاصة

ما صحة المنشور الرائج حول طلب مجلس الأمن الدولي تسليم انقلابيي 25 أكتوبر في السودان إلى المحكمة الجنائية الدولية؟

مضلل