كيف قدم طلاب كلية الطب بجامعة دنقلا نموذجاً مغايراً للاحتجاج على زيادة الرسوم الدراسية؟

 “لن نرضى بأن تكون الزيادات غير القانونية سبباً لانسحاب زملائنا عن الدراسة، أو أن يحمل ذوونا أحمالاً لا تطيقها أكتافهم”، بهذه الكلمات عبرت رابطة طلاب كلية الطب بجامعة دنقلا شمالي البلاد عن رفضها واستنكاراها لزيادة رسوم التسجيل التي فرضتها إدارة الجامعة للمرة الثانية خلال عام دراسي واحد.

لم تكتفِ رابطة كلية الطب بالاحتجاج والاعتصام كما جرت العادة في الأوساط الطلابية، لكنها ذهبت إلى وجهة تبدو غير مسبوقة، وذلك باللجوء إلى القضاء في مواجهة قرارات إدارة الجامعة.

ونجحت الدعوة التي قيدتها الرابطة ضد إدارة جامعة دنقلا، بمحكمة الطعون الإدارية، في استصدار قرار مؤقت بتعليق زيادة الرسوم إلى حين الفصل في القضية، وهو الأمر الذي وضعها في سياق فريد بالنسبة لاحتجاجات الطلاب عادةً.

وكانت إدارة جامعة دنقلا، ضاعفت في أواخر سبتمبر الماضي، الرسوم الدراسية للتسجيل للفصل الدراسي الثاني بنسبة تزيد عن 500 %، بعدما كانت قد أصدرت قراراً مماثلاً في بداية المستوى الدراسي الأول.

وتزامن الحراك في كلية الطب بجامعة دنقلا، مع قرارات مشابهة، أقرتها عدد من الجامعات ومؤسسات التعليم العالي الحكومية وتسببت في موجة واسعة من الاحتجاجات والإضرابات.

وكانت رابطة طلاب الطب، قد أشارت في بيان لها أنها تنازلت عن التصعيد في الزيادة السابقة تقديرًا لما وصفته بـ”الراهن الاقتصادي”، إذ قالت في البيان: “الزيادة السابقة تم قبولها من طرفنا تقديرًا منّا للراهن الاقتصادي ودعمًا منّا لاستمرار العملية التعليمية”، قبل أن تشير في البيان  نفسه إلى أن تنازلها عن مطلب تخفيض الرسوم، تم بعد تعهد مدير الجامعة الأسبق، بعدم إضافة زيادات جديدة في الرسوم للطلاب المسجلين.

في أواخر العام 2020م، حددت جامعة دنقلا زيادة في رسوم التسجيل من 2 ألف جنيه سوادني لتصبح 5 آلاف جنيه، ووافق الطلاب في 15 كلية على دفعها بعد تعهد المدير الأسبق للجامعة، عمر بشارة، بعدم إضافة زيادة ثانية في وقت قريب، لكن المدير الحالي للجامعة، وليد مصطفى، عاد وقرر زيادة أخرى للرسوم قدرها 5 آلاف جنيه سوداني لتصبح رسوم التسجيل بالجامعة 10 آلاف جنيه.

«الضرورات تبيح المحظورات»

في سبيل الوصول إلى حلول، عقد مدير الجامعة وأمين الشؤون العلمية وعميد شؤون الطلاب في العاشر من أكتوبر الماضي، اجتماعاً مع ممثلي الرابطة. 

لكن، في أعقاب الاجتماع، أقامت الرابطة ركن نقاش للطلاب أعلنت فيه تمسك إدارة الجامعة بموقفها في الزيادة، مع إشارتها للطلاب بأن الزيادة لن تكون الأخيرة وستستمر كلما دعت الحاجة إلى زيادة جديدة دون الاحتكام لأي لائحة مالية. وأشارت الرابطة، إلى أن الإدارة بررت خرق لائحة الجامعة، بأنه جاء بتوجيه من وزارة التعليم العالي دون تسليمهم نسخة من القرار رغم مطالبة الرابطة به في بيان أصدرته بعد الاجتماع.

ودعت الرابطة بعدها الطلاب إلى التمسك بعدم التسجيل إلى حين موافقة الإدارة على مطالبهم، واستنكرت في بيان لها تبرير المدير الحالي، وليد مصطفى، تجاوزه العهد الذي التزم به المدير السابق بعدم تحديد زيادة جديدة في مدى زمني قريب، بمقولة “الضرورات تبيح المحظورات”، كما عبرت عن رفضها في البيان لما أسمته خرق الجهات التنفيذية نص لوائح يجوز فيها الخرق لجهة تشريعية فقط.

رفض التسجيل يضمن عدالة مستقبلية للطلاب

“الزيادة غير القانونية لرسوم التسجيل قد تؤدي لانسحاب بعض الطلاب عن الدراسة، وتعاطي المسائل بأنانية محضة قد يضر بفئة مكافحة منا كانت كل رؤيتها الاجتهاد بحثاً عن مستقبلٍ أمثل لهم ولعائلاتهم”، شددت رابطة طلاب كلية الطب في بيان لها على أن تمسكها بالرفض يأتي لصالح مستقبل الطلاب الحاليين والقادمين، وأضافت في البيان نفسه:

"عدم ثبات اللوائح وتغيرها على هوى الجهات التنفيذية لا يضمن أي عدالة مستقبلي