السفير جون غودفري.. دبلوماسية واشنطن المتسارعة في سودان الثورة والانقلاب

في أواخر أغسطس العام الماضي، حطت على أرضية مطار الخرطوم قدمي أول سفير أمريكي للولايات المتحدة في السودان منذ حوالي 25 سنة. 

وصل الدبلوماسي الأمريكي الرفيع، جون غودفري، ذو الخلفية الأمنية، والذي خدم في بعض دول العالم العربي ذات الوضع الشبيه بوضع السودان، إلى العاصمة الخرطوم، سفيراً فوق العادة في مهمة تبدو متشابكة ومعقدة في أعقاب ثورة وانقلاب في أقل من  3 سنوات.

غداة وصوله، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي السودانية بالتعليقات، خاصة ما اعتبره البعض، أن مقدم غودفري في ذلك التوقيت يعد اعترافاً بانقلاب 25  أكتوبر 2021. 

ومع ذلك، فإن مرحلة تطبيع العلاقات بين الخرطوم وواشنطن التي أتت بغودفري، هي، عصارة مجهودات رئيس الوزراء السابق، عبد الله حمدوك، التي دشنت برفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، في ديسمبر 2020، وقبلها توقيع اتفاق لتبادل السفراء بي البلدين.

خطابات عدائية

يأتي تعيين أول سفير أمريكي بالسودان، بعد عقود من خطابات عدائية تجاه الدول الغربية ظلت تلقيها قيادات حكومة الرئيس المخلوع، عمر البشير، على مسامع الشعب السوداني مثل خطاب البشير في  ٨ نوفمبر ٢٠٠٨ الشهير في منطقة (الصباغ) بولاية القضارف في شرق البلاد، الذي ذكر فيه أن : “أمريكا وبريطانيا وفرنسا كلهم تحت مركوبي ده”، قبل أن يشير بإصبعه الى حذائه. 

غداة وصوله في خضم انقلاب عسكري وثورة مستمرة وعلاقات كانت مضطربة لعقود، وجه سفير واشنطن بالخرطوم، في سبتمبر الماضي، في أول خطاب له حديثه إلى السودانيين مباشرةً، معلنا نيته تعزيز علاقة الولايات المتحدة مع الشعب السوداني ودعم رغبتهم في دفع عجلة التحول الديمقراطي تحت قيادة مدنية.

سفارة ضخمة بالخرطوم بدون سفراء

رغم توتر العلاقات بين البلدين، على مدى عقود، إلا أن واشنطن نقلت مقر سفارتها من وسط الخرطوم إلى منطقة سوبا، جنوباً، بعدما شيدت مبنى ضخماً، احتل مساحة 40 ألف متر مربع. وهو يعد أكبر مبنى لسفارة أمريكية في أفريقيا بعد سفارتيها في القاهرة وجنوب أفريقيا. رغم ذلك، ظل ممثلو واشنطن الدبلوماسيين بدرجة قائم بالأعمال، فيما ظلت سياستها على مدى ربع قرن قائمة على تعيين مبعوثين خاصين لها في السودان.

الشرق الأوسط ومكافحة الإرهاب

وغودفري حاصل على درجة البكالوريوس من جامعة كاليفورنيا ودرجة الماجستير في دراسات الشرق الأوسط من جامعة ميتشيغان، وكان يشغل منصب القائم بأعمال منسق مكافحة الإرهاب والمبعوث الخاص بالإنابة للتحالف العالمي لمكافحة (داعش) في مكتب مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية.

وفي وقت سابق شغل منصب المستشار السياسي في سفارة الولايات المتحدة في الرياض، ورئيساً لموظفي نائب وزير الخارجية، وعمل مستشاراً سياسياً واقتصادياً في سفارة الولايات المتحدة في عشق آباد، تركمانستان، ومسؤولًا سياسياً في سفارة الولايات المتحدة في دمشق.

كما عمل أيضاً رئيس الموظفين لنائب وزير الخارجية آنذاك ويليام بيرنز، الذي يشغل الآن منصب مدير وكالة المخابرات المركزية في إدارة بايدن ، ومستشار الحد من التسلح في البعثة الدائمة للولايات المتحدة لدى المنظمات الدولية في فيينا (2010-2013)؛ نائب المستشار السياسي للشؤون الشمالية في سفارة الولايات المتحدة في بغداد (2009-2010). والمستشار السياسي والاقتصادي في سفارة الولايات المتحدة في طرابلس (2007-2009)، حيث كان جزءاً من الفريق الصغير الذي وضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية تسوية مطالبات الولايات  المتحدة من ليبيا التي تضمنت تعويض أسر ضحايا تفجير لوكربي وغيره من الأعمال الإرهابية.

سفيراً لكل السودانيين

 منذ تعيينه استفتح السفير خطاباته أكثر من مرة بتعبيره عن سعادته بالعمل في السودان والتعرف على شعبه وتعزيز العلاقات الثنائية والروابط معه، مشيرا إلى أن فهم الشعوب هي مهمة كل الدبلوماسيين في البلاد التي يعملون بها.

 “سأكون سفيرا لكل السودانيين، وسأسافر لكل أنحاء البلد لفهم الثقافة السودانية، وأرى الضيافة المعروف بها السودان”، هكذا تحدث غودفري لحظة توليه المنصب ورغم شغله الرأي العام السوداني والعالمي، وقتها، إلا أن أحداً ربما، لم يأخذ حديثه عن فهم الثقافة السودانية على محمل الجد باعتبار أنه حديث دبلوماسي عابر.

لكن، ومنذ أن تسلم مهامه رسمياً، ظل غودفري يفاجئ الرأي العام بزياراته إلى مختلف الأماكن والولايات السودانية، ومحاولة الاندماج في المجتمع وتقربه من المشايخ وقادة الطرق الصوفية وفنانين وشخصيات عامة. 

فتارة يغرد مروجاً للآثار السودانية وتارة يظهر كمشجع لكرة القدم النسائية، فيما غلب على منشوراته طابع يوميات الزيارات الاجتماعية والتهاني في المحافل والمناسبات الدينية، وهو ما جعله محط  تعليق دائم في محاولة لفهم النهج الذي يتبعه في السودان منذ قدومه.

أما الراهن السياسي، فلم يجد حظاً كبيراً في تغريداته الرسمية التي خلت من أي لهجة تشديد أو توجيه.

زيارات خارج الخرطوم

في العاشر من سبتمبر  العام الماضي، في أولى جولاته خارج الخرطوم، منذ تسلمه مهامه، زار السفيرالأمريكي ولاية شمال درفور لمدة 3 أيام، بهدف التعرف على الأوضاع في الإقليم خاصة فيما يلي تنفيذ اتفاق سلام جوبا بجانب التعرف على قضايا التنمية والاستقرار بما يمكن أمريكا من الاضطلاع بدور أكبر في تعزيز الأمن في السودان، وفق ما قالت السفارة في تغريدة رسمية لها.

 كما زار غودفري مخيم زمزم للنازحين (15كلم) جنوب مدينة الفاشر، وعقد لقاء مع المنظمات والهيئات الدولية العاملة بالولاية، فضلاً عن  لقاء آخر جمعه مع والي الولاية وقادة الإدارات الأهلية ولجان المقاومة، وشملت الزيارة جامعة الفاشر وقرية طرة شمال الفاشر.

شرق السودان كان مسرحاً لثاني زيارات الدبلوماسي الأمريكي خارج العاصمة، إذ نشرت السفارة الأمريكية تغريدة عن زيارة السفير في أكتوبر الماضي ومقابلته قادة أهليين مثل الناظرين عامر علي إبراهيم دقلل ومحمد الأمين ترك. إذ قال حساب السفارة وقتها إن غودفري أجرى “نقاشاً حافلاً بالمعلومات مع ناظر الهدندوة محمد الأمين ترك وأعرب عن تقديره لسماع وجهات نظره حول تحديات شرق السودان وأولوياته، فضلاً عن الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق بشأن حكومة مدنية جديدة”.

فيما أشارت تغريدة أخرى إلى نقاش عميق وغني بالمعلومات جمع بين “السفير ودقلل” عن وجهات نظره حول تحديات شرق السودان وأولوياته.

الاحتفاء بالمائدة السودانية

” فضولي تجاه المأكولات السودانية أثارته أحاديث أصدقائي وزملائي الذين امتدحوا مائدة سكان هذا البلد في شهر الصوم وضرورة تذوقها”، بتاريخ 18 أبريل 2021، عبر القائم بالأعمال الأمريكي السابق في الخرطوم براين شوكان وزوجته عن استمتاعهما بمائدة سودانية، لكن التجربة التي كانت ليوم واحد عند شوكان، أصبحت الاهتمام الدائم لدى غودفري، إذ نشر السفير تغريدة أثناء زيارته للولاية الشمالية في  منتصف يناير الماضي  يقول فيها: “سعدت كثيراً بوجبة القراصة مع أسرة الأستاذ عبد الوهاب علي عيسى بمنزلهم العامر في كريمة. كما تناولت تموراً وفواكه طازجة من هذا الموسم في الملتقى”. كما وثق لزيارته قهوة أم الحسن على طريق شريان الشمال والتقى عائلة السيدة الراحلة.

 

وفي فبراير الماضي، بعد نشره صوراً له من داخل مزراع الموز بمدينة الدمازين عاصمة إقليم النيل الأزرق أرفقها بقوله: “سُررت بزيارة إحدى مزارع الموز التي يشتهر بها إقليم النيل الأزرق. وهذا تذكير بالإمكانيات الهائلة لزيادة الإنتاج الزراعي التي يمكن للولايات المتحدة والسودان العمل معًا لتحقيقها عند تشكيل حكومة جديدة بقيادة مدنية”. 

 

يومها عقد غودفري لقاءات عديدة مع مكونات الإقليم ومجموعات شبابية للتعرف على التحديات التي يواجهونها ومجتمعاتهم، وآمالهم في الحرية والسلام والعدالة. بجانب إقامة فعالية له في مجمع الدمازين الثقافي الذي تدعمه الوكالة الأمريكية للتنمية بالعروض والموسيقى من مجموعات مختلفة بالنيل الأزرق.

الجبل المقدس

وفي الشمالية، وثّق السفير لزيارته لمناطق أثرية بالولاية ونشر صوراً له من أعلى قمة جبل البركل ومن مقابر الكرو ” 15 كلم من البركل”، قائلاً: “استمتعت بمنظر خلاب هذا الصباح على قمة جبل البركل المقدس، أحد الكنوز الثقافية العديدة التي تشرفت بزيارتها في السودان كما أتيحت لي الفرصة لزيارة المواقع الأثرية في الكرو”. مضيفاً “تعلمت الكثير عن التاريخ السوداني من الخبراء في متحف جبل البركل”. وتخللت الزيارة لقاءات جمعته بالسكان المحليين وبطلاب آثار إذ قال عنها: “شرفني كثيرا لقاء سكان محليين وعلماء وطلاب آثار سودانيين يعملون جنباً إلى جنب مع نظرائهم الدوليين للكشف عن المواقع الآثرية الموجودة هنا في السودان والمحافظة عليها، وأشار إلى تاريخ السودان قائلا: “يعد تاريخ السودان الغني جزءا مهما من تاريخ العالم”.

وتضمنت جولة السفير بالولاية الشمالية زيارة منطقة الكاسنجر السياحية ختمها بجلسة في منزل أولاد حاج الماحي الذين قدموا له درع هدية، وأشاد بحفاوة استقبالهم وعبر عن سعادته برؤيتهم ماضين في إرث العائلة المتمثل في دعم وتعزيز السلام والتسامح ضمن تغريداته.

السفير ومشايخ الطرق الصوفية

“أنا أقدر دور الصوفية في تشكيل الهوية السودانية والتسامح” ، غرد السفير في سبتمبر الماضي بعد زيارته مقبرة الشيخ حمد النيل بأمدرمان، مشيرا إلى أنه كان يتوق إلى مشاهدة الدراويش الصوفيين قبل وصوله السودان. كما كان حضوراً في أمدرمان أثناء احتفالات المولد النبوي الشريف بحوش الخليفة في أكتوبر الماضي، وطاف على عدد من خيام الطرق الصوفية وتوقف بخيمة الختمية واستقبله الخليفة البكري الخليفة أحمد.

ظهور سياسي شحيح

بعد توليه مهامه رسمياً التقى غودفري وفداً من المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير وشدد بعد لقائه قيادات التحالف، على أن سياسة حكومة الولايات المتحدة ثابتة في دعم التحول المدني الديمقراطي في السودان وأنها ستستأنف التعاون المشترك بين البلدين حين يتم استعادة مسار التحول الديمقراطي الذي تقوده حكومة مدنية ذات مصداقية.  

وقتها نقل إليه وفد الحرية والتغيير رؤيته عن “جوهر الأزمة في البلاد” هو انقلاب 25 أكتوبر، وأن تأسيس سلطة مدنية كاملة لن يكون إلا بإنهائه.  كما التقى وفود من العسكر وممثلي الحركات المسلحة، وجمعه لقاء مع  لجان المقاومة الذين شددوا بدورهم على عدم القبول بأي تسوية مع قادة الانقلاب، إلا أنه لم يعلق بشكل كبير على الأحداث السياسية ولم يظهر كشخصية دبلوماسية مؤثرة في التحولات السياسية بالبلاد.

ورغم أن السفير الأمريكي لم يجرِ مقابلات صحفية كثيرة للتعليق على الشأن السياسي، إلا أن المقابلة التي أجراها مع صحيفة التيار أواخر سبتمبر الماضي اعتبرت الأشهر وأثارت جدلاً واسعاً، إذ عبر فيها عن قلقه من تجدد ذكرى انقلاب 25 أكتوبر دون وصول السودانيين إلى اتفاق، وأشار إلى ضرورة الاعتراف بوجود قلق بين السودانيين وعند الشركاء الدوليين من الذكرى.  وأوضح أن بلاده ترغب في أن تكون الشريك الذي يختاره السودان واصفا إياه بالهدف الذهبي بالنسبة لها، لكنها تشترط أن يكون مفتاح هذا التواصل وقدوم الاستثمارات هو وجود حكومة بقيادة مدنية والإطار الدستوري الذي يستعيد المسار الانتقالي في السودان ورحب وقتها بمبادرة دستور نقابة المحامين ووصفها بـ التطور الإيجابي.

ولعل أبرز ماعلق عليه غودفري في تلك المقابلة، رده على تصريحات المستشار الإعلامي لقائد الجيش، الطاهر أبو هاجة قائلاً: “ليس صحيحا ما قاله أبو هاجة بأن مشاركة البرهان في الأمم المتحدة تعني أنها صفحة جديدة مع الغرب وأمريكا”، وهو ما أوضح كثيراً عن مدى اعتراف أمريكا بالانقلاب وقتها ونظرتها للبرهان”.

خلع الدبلوماسي الأمريكي الرفيع، للحظة وجه الحكمة والهدوء، عندما أشار الصحفي المحاور إلى سيرة اعتزام روسيا إنشاء قاعدة في البحر الأحمر، قائلاً باقتضاب “إذا مضت حكومة السودان قدمًا نحو إنشاء قاعدة روسية في البحر الأحمر أو استأنفت التفاوض بشأنها فسيكون هذا الأمر مضراً بمصلحة السودان”. وهو ما ترك صدى جعله موضع تحقيق، حيث أشارت تقارير إخبارية إلى أن وزارة الخارجية السودانية استدعته للتوضيح، لكن مع ذلك لم تشر الوزارة إلى هذا الأمر بشكل رسمي.

إطلاق سراح أبو زيد يثير أزمة دبلوماسية

في الأول من فبراير الماضي، أصدرت محكمة سودانية، قراراً، وضع الدبلوماسي والخبير في مكافحة الإرهاب، في اختبار يفترض أنه سيثير غضبه ويوتر وجوده في السودان ويؤثر على مساره الدبلوماسي الهادئ، بعد إعلان محكمة سودانية سراح عبد الرؤوف أبو زيد أحد المدانين بقتل الدبلوماسي الأمريكي جون جرانفيل موظف الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في الخرطوم عام 2008. غير أن السفير تعامل مع الموقف بردة فعل لا تتماشى مع غضب بلاده من القرار. ففي الوقت الذي دعت فيه الولايات المتحدة، الحكومة السودانية لاستخدام جميع الوسائل القانونية المتاحة للعدول عن قرار الإفراج، إذ قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية السابق، نيد برايس، في تصريحات للصحفيين “ندعو الحكومة السودانية لاستخدام جميع السبل القانونية المتاحة للعدول عن ذلك القرار وإعادة احتجاز أبو زيد” وأضاف مشددا ” لن نهدأ”.

بينما علق  مساعد الوزير لشؤون شرق أفريقيا والسودان وجنوب السودان، بيتر لورد قائلا إنه سيناقش الأمر ويطالب باتخاذ إجراء خلال زيارته إلى الخرطوم الأسبوع المقبل.

فيما وصف السيناتور الأمريكي جيم ريش “أبرز عضو جمهوري في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي” أن الإفراج عن أبو زيد أمر “شائن”، وقال في تغريدة على موقع تويتر “هذا الإجراء يدق إسفينا بين الولايات المتحدة والسودان ويكشف إفلات النظام من العقاب ويعقد مستقبل المساعدات الأمريكية”.

في الوقت الذي تتابعت فيه تصريحات المسؤولين الأمريكيين وتهديداتهم، بينما تم استدعاء سفير السودان لدى الولايات المتحدة محمد عبد الله إدريس بخصوص القضية، اكتفى غودفري الموجود في الخرطوم بأنه سيجري لقاءات مع الحكومة السودانية بدون لهجة تحمل صيغة تهديد أو وعيد، فيما واصل في زياراته الاجتماعية مع حلول شهر رمضان الذي ظهرت فيه السفارة الأمريكية بمنظر الراعي للإفطارات والفعاليات الرمضانية. 

 يقول السفير السوداني السابق لدى واشنطن نور الدين ساتي لـ( بيم ريبورتس): “ليس هناك في الاتفاقات والأعراف الدبلوماسية ما يحظر تحرك السفراء والدبلوماسيين في أنحاء البلاد المضيفة. وربما يتم الحظر أو التقييد لأسباب أمنية، أو لحالة عداء بين دولة السفير والدولة التي يعتمد لديها، أو لعدم توفر الثقة المطلوبة بينهما. وربما يتم الحظر بسبب إخفاء بعض الحقائق التي لا تود الدولة المضيفة أن يطلع عليها السفراء المعتمدين لديها، كحالات التجاوزات في إطار حقوق الإنسان على سبيل المثال”.

 

ويرى ساتي، أن السفير الأمريكي ربما يود انتهاج دبلوماسية الانفتاح على الواقع في البلد الذي يمثل بلاده فيه، مع مراعاة الظروف الأمنية في بعض الأحوال، أو الشكوك التي تنشأ في بلد كالسودان عانى خلال عدة حقب من العزلة الدولية والانغلاق السياسي والاجتماعي بسبب الأنظمة الشمولية المتعاقبة، أو لأسباب أيديولوجية ترتبط بالنظرة للولايات للمتحدة من قبل بعض الأطراف السياسية أو الاجتماعية في السودان.

 

ويتابع الدبلوماسي المخضرم: “يبدو من استقبال الناس له أنهم يستحسنون هذا الانفتاح علي المجتمع، قبل أن يشير إلى أن انتقاد آخرين لهذا التصرف يأتي بسبب الظروف السياسية والاجتماعية السائدة، أو لموقفهم المبدئي من الولايات المتحدة”.

 

وفيما يتعلق بتعامل الولايات المتحدة مع السفير السوداني هناك يشير ساتي إلى أن السفير السوداني يستطيع التجول في كافة أرجاء الولايات المتحدة دون قيود بعد رفع الحظر الذي كان مفروضاً خلال النظام السابق.

 

ورغم أن وزارة الخارجية السودانية، ممثلة في ناطقها الرسمي، عبد الرحمن خليل أشارت لـ(بيم ريبورتس) إلى علمها التام بتحركات السفير والتنسيق الكامل فيما بينهما.

 

ومع ذلك، قال خليل إن زيارات السفير الاجتماعية لا تتطلب بالضرورة موافقة الخارجية وتتبعها لحركته، مشيرًا إلى أنه عرفياً يفترض أن تتواصل الخارجية والسفارة الأمريكية في كافة الأحوال مع السفير.

 

 ورداً على سؤالنا حول سياسية السودان في المقابل تجاه الولايات المتحدة، تحفظ الناطق الرسمي على الرد، حيث رأى أن الحديث عن سياسات البلاد الخارجية يحتاج إلى حوار منفصل مع الوزارة.

 

في الأثناء، يواصل السفير تحركاته وأنشطته الرمضانية ذات الطابع الاجتماعي، فيما ترعى السفارة مهرجانات سودانية كبيرة مثل مهرجان بلاد النور حيث أحضرت (فرقة روك) أمريكية كبيرة في إحدى فعاليات المهرجان في مدينة عطبرة. أما على الصعيد السياسي، ما تزال الأنشطة محصورة فقط في إطار استعادة الانتقال الديمقراطي والذي تشترط واشنطن حدوثه لتمضي قدماً في تعميق العلاقات الرسمية بين البلدين. 

مشاركة التقرير

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp

اشترك في نشرتنا الإخبارية الدورية

مزيد من المواضيع