Tag: واشنطن

هل بحَث تحالف «صمود» مع واشنطن خطة توطين الفلسطينيين في السودان؟

هل بحَث تحالف «صمود» مع واشنطن خطة توطين الفلسطينيين في السودان؟

تداولت العديد من الحسابات على منصة «فيسبوك» نص ادعاء يفيد بأنّ التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة «صمود» بحَثَ مع الولايات المتحدة الأمريكية خطة توطين الفلسطينيين في السودان.

وجاء نص الادعاء على النحو الآتي:

«مصادر..

تحالف “صمود” يبحث مع أمريكا خطط توطين الفل-سطينيين في السودان».

الصفحات التي تداولت الادعاء :

1

قناة الحاكم 

(185) ألف متابع 

2

بوابة الأخبار 

(181) ألف متابع 

3

مركز المسار نيوز للخدمات الإعلامية 

(98) ألف متابع 

للتحقق من صحة الادعاء، بحث «مرصد بيم» في الحساب الرسمي لتحالف «صمود» على منصة «فيسبوك»، وتبيّن أن التحالف نفى صحة الادعاء المتداول، موضحًا أنّ «هذا الخبر، كغيره من الأخبار المضللة، عار من الصحة»، ولافتًا إلى أن «الهدف من مثل هذه الأخبار هو التضليل وتشويه صورة القوى المدنية».

ولمزيدٍ من التحقق، أجرى فريق المرصد بحثًا بالكلمات المفتاحية الواردة في نص الادعاء، ولم يُسفر البحث عن أيّ نتائج تُثبت صحة الادعاء.

ويُذكر أن وكالة «أسوشيتيد برس» الأمريكية كشفت، في تقرير في مارس الماضي، عن  تواصل أمريكي إسرائيلي مع ثلاث دول في شرق إفريقيا، من بينها السودان، لمناقشة خطة لتوطين سكان قطاع غزة الفلسطيني في الدول الثلاث، لكن مسؤولين من السودان رفضوا المقترح الأمريكي – بحسب تقرير الوكالة.

الخلاصة:

الادعاء مفبرك؛ إذ نفى الحساب الرسمي لتحالف «صمود» صحته، كما أنّ البحث بالكلمات المفتاحية لم يُسفر عن أيّ نتائج تدعم صحة الادعاء.

واشنطن: محاولات إنشاء حكومة موازية تهدد بالتقسيم الفعلي للسودان

5 مارس 2025 – انضمت الولايات المتحدة الأمريكية، الأربعاء، إلى الدول والمنظمات الأممية التي أبدت قلقها، أو رفضها لتشكيل حكومة موازية في السودان بقيادة قوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش منذ أبريل 2023.

وأمس وقعت قوات الدعم السريع وحلفاؤها في العاصمة الكينية نيروبي على دستور انتقالي نص على تشكيل «جيش وطني جديد» من القوى العسكرية الموقعة على ميثاق نيروبي الشهر الماضي، بالإضافة إلى علمانية الدولة، ضمن بنود أخرى.

وقال مكتب الشؤون الإفريقية التابع لوزارة الخارجية الأمريكية في تصريح على منصة إكس إن محاولات إنشاء حكومة موازية لا تساعد في تحقيق السلام والأمن في السودان وتهدد بمزيد من عدم الاستقرار والتقسيم الفعلي للبلاد.

وأعربت الولايات المتحدة عن قلقها العميق إزاء التقارير التي تفيد بأن قوات الدعم السريع والجهات الفاعلة المتحالفة معها قد وقعت على «دستور انتقالي» للسودان.

وبحسب دستور تحالف السودان التأسيسي «تأسيس» فإن قوات الدعم السريع والجيش الشعبي والحركات المسلحة الموقعة على ميثاق نيروبي هي نواةً للجيش الوطني الجديد، بالإضافة إلى إقراره حل ما أسماها مليشيات المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية.

ونص الدستور الانتقالي كذلك على إلغاء الوثيقة الدستورية الانتقالية لسنة 2019 وجميع القوانين والقرارات والمراسيم السابقة وأن يكون السودان دولة علمانية ديمقراطية لا مركزية، ذات هوية سودانوية، تقوم على فصل الدين عن الدولة وفصل الهويات الثقافية والعرقية والجهوية عن الدولة والتأكيد على أن المواطنة المتساوية هي الأساس للحقوق والواجبات.

وفي 23 فبراير الماضي وقعت قوات الدعم السريع والحركة الشعبية – شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو، إلى جانب حركات مسلحة أخرى، وأحزاب سياسية أبرزها حزب الأمة القومي على ميثاق نيروبي الذي يمهد لتشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة الدعم السريع.

وكان المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش – ستيفان دوجاريك، قد أعرب عن قلقه، من الإعلان المقرر عن تشكيل قوات الدعم السريع حكومة موازية، قائلًا إن من شأن ذلك أن يزيد من «انقسام السودان ومفاقمة الأزمة».

فيما أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن «قلقه البالغ» إزاء التوقيع على ميثاق نيروبي، وعده «تصعيدًا جديدًا للصراع في السودان». ودعا غوتيريش جميع الأطراف إلى «الامتناع عن أيّ خطوات قد تزيد من تعقيد الوضع الإنساني والسياسي في البلاد».

أيضًا أبدى عدد من أعضاء مجلس الأمن الدولي قلقهم من إعلان قوات الدعم السريع عن تشكيل حكومة موازية، في حين نفت نيروبي «اعترافها بأيّ كيان مستقل في السودان».

والأسبوع الماضي أعربت عدد من الدول العربية عن قلقها من تشكيل حكومة موازية ودعت للحفاظ على تماسك ووحدة السودان ورفض التدخلات الخارجية بينها السعودية والكويت ومصر وقطر.

واشنطن تدين بـ«أشد العبارات» هجمات «الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين

6 ديسمبر 2024 – أدانت الولايات المتحدة، الخميس، بأشد العبارات الهجمات التي شنتها قوات الدعم السريع «هذا الأسبوع» على مخيم زمزم للنازحين داخليًا في دارفور بالسودان.

والأربعاء قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، إن القصف العنيف على مخيم زمزم للنازحين جنوب عاصمة شمال دارفور، الفاشر، يعطل توزيع الغذاء، موضحة أن الهجمات قد تؤدي إلى تأخير وصول قوافل المساعدات التابعة لبرنامج الأغذية العالمي التي تحمل مساعدات منقذة للحياة إلى المخيم.

ومنذ الأول من ديسمبر بدأت قوات الدعم السريع في شن عمليات قصف مدفعي عنيف على مخيمي أبو شوك وزمزم ما أدى إلى مقتل وجرح عدد من الأشخاص وفرار الآلاف.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية، في بيان، إن قصف قوات الدعم السريع على مخيم زمزم، أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص على الأقل وإصابة العديد من الأشخاص الآخرين.

وأضاف البيان «من المؤسف أن القتال أدى أيضًا إلى تعطيل قدرة المنظمات الإنسانية على توصيل إمدادات الإغاثة الطارئة إلى المخيم، حيث يبحث أكثر من نصف مليون شخص عن مأوى، وأعلنت المجاعة».

ودعا البيان الأمريكي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع والقوات المتحالفة معها إلى وقف جميع الأنشطة العسكرية، في وحول مخيم زمزم، وغيره من المخيمات «حيث لجأ الشعب السوداني من العنف المروع الذي اجتاح بلادهم وأنتج أسوأ أزمة إنسانية في العالم».

وحث البيان، الأطراف المتحاربة على الحفاظ على الطابع المدني والإنساني للمخيمات واحترامه، لضمان حماية المدنيين في المخيمات، بما في ذلك مخيم زمزم، وإبقائها خالية من المقاتلين والتحصينات العسكرية.

وأكد البيان أن أكثر من 25 مليون شخص في السودان، أي ما يقرب من نصف سكان البلاد، في حاجة ماسة إلى المساعدة الطارئة، وقد نزح أكثر من 12 مليون شخص من ديارهم منذ اندلاع الصراع.

كما دعت واشنطن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وجميع الجماعات المسلحة إلى اتخاذ خطوات ملموسة لضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى جميع أنحاء السودان، بما في ذلك من خلال تمكين الممرات الإنسانية للسماح بتسليم المساعدات وحركة المدنيين بشكل آمن ودون عوائق.

ورأت واشنطن إن الحل الدائم الوحيد للأزمة الإنسانية في السودان هو وقف الأعمال العدائية على الفور.

كذلك أكدت التزامها بقوة بدعم الشعب السوداني في سعيه إلى إنهاء الصراع والانتقال السياسي إلى حكم ديمقراطي شامل بقيادة مدنية.

وبدايةً من 10 مايو الماضي تشهد مدينة الفاشر عمليات عسكرية عنيفة بين الجيش والحركات المسلحة المتحالفة معه من جهة، وقوات الدعم السريع من الجهة الأخرى، مما خلف مئات القتلى والجرحى وأدى إلى نزوح أكثر من نصف مليون شخص.

واشنطن تحث «الدعم السريع» على وقف مهاجمة «الفاشر» وسط تصاعد حدة المواجهات العسكرية

14 سبتمبر 2024 – حثت الولايات المتحدة قوات الدعم السريع على وقف مهاجمة الفاشر وسط تجددت الاشتباكات بين الجيش السوداني والحركات المتحالفة معه ضد قوات الدعم السريع، السبت، عبر القصف المدفعي والطيران بعد يومين من مواجهات على الأرض واسعة النطاق والأعنف منذ عدة أشهر.

وقال مصدر من مدينة الفاشر تحدث لـ«بيم ريبورتس»، السبت، إن الجيش والقوة المشتركة تمكنا أمس من استرداد المستشفى الجنوبي، وطرد القوات التي استولت عليه الخميس.

ودأبت قوات الدعم السريع على مهاجمة المستشفى الجنوبي منذ إطلاقها عملياتها العسكرية على الفاشر في مايو الماضي.

وأضاف المصدر أن الفاشر تشهد هدوءًا حذرًا اليوم، وسط عمليات قصف مدفعي شنتها الدعم السريع رد عليها الطيران الحربي التابع للجيش بقصف مواقع تمركزها شرقي المدينة.

فيما قالت تنسيقية لجان المقاومة الفاشر إن الأوضاع مستقرة حاليًا في المدينة، مشيرة إلى أنه لا توجد اشتباكات مباشرة، باستثناء القصف المدفعي للدعم السريع وقصف الطيران الحربي على مواقع تمركزها.

دعوات أمريكية لوقف الهجوم على الفاشر

في سياق تطورات الوضع العسكري بالفاشر، دعت مساعدة وزير الخارجية للشؤون الإفريقية، مولي فيي، في منشور على منصة إكس، السبت، إلى وقف أعمال العنف في الفاشر.

وأشارت إلى أن الهجمات على المدينة ومخيمات النازحين القريبة في أبو شوك والسلام «أمر محزن للغاية».

فيما أعرب المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، توم بيرلليو، عن القلق إزاء الهجمات المتجددة التي تشنها قوات الدعم السريع على الفاشر وقصفها معسكري أبو شوك والسلام للنازحين.

وقال في منشور على حسابه بمنصة إكس الجمعة، إن هجمات الدعم السريع المتكررة على الفاشر، قد جلبت معاناة كبيرة للمدنيين السودانيين الذين فر العديد منهم إلى الفاشر في مواجهة القتال في دارفور.

وحث بيرلليو الدعم السريع على وقف هجومها، قائلاً إنه يتعين عليها اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لحماية أرواح الأبرياء واحترام التزاماتها بحماية المدنيين.

وكان المبعوث الأممي للسودان قد حذر بتاريخ 29 أغسطس الماضي من حشد كبير للدعم السريع للهجوم على عاصمة ولاية شمال دارفور داعياً إلى وقف الأعمال العدائية في الفاشر فورًا.

والخميس شهدت الفاشر معارك طاحنة وصفت بأنها الأعنف خلال الشهرين الماضيين قبل أن تتجدد الجمعة بشكل أقل حدة.

ومنذ العاشر من مايو الماضي أطلقت قوات الدعم السريع عملية عسكرية كبيرة على مدينة الفاشر بغرض السيطرة على آخر معاقل السلطة المركزية في إقليم دارفور غربي السودان بعدما سيطرت في العام الماضي على أربع ولايات من أصل خمس تشكل إقليم دارفور.

نواب أمريكيون يدفعون نحو نهج جديد لـ«واشنطن» تجاه حرب السودان

واشنطن، 21 ديسمبر 2023 – قالت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، الأربعاء، إن نوابًا أمريكيون شرعوا في الضغط على حكومة الرئيس جو بايدن لاتخاذ نهج أكثر حزمًا تجاه الحرب في السودان، بعد أن هوت البلاد لأشهر في دوائر الاقتتال والانتهاكات الجسيمة، وبعد فشل جهود الوساطة التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية.

وحث نواب أمريكيون نافذون الإدارة الأمريكية لتعيين مبعوث خاص جديد للسودان للتركيز على الاستجابة للأزمة، وبث الحياة من جديد في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الحرب في السودان، والتي فقدت الاهتمام في ظل ما الأحداث في الشرق الأوسط وشرق أوروبا وآسيا.

وقال مسؤولون حاليون وسابقون، إن توم بورييلو، عضو الحزب الديمقراطي وعضو مجلس الشيوخ السابق والدبلوماسي في حكومة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، هو المرشح الأول لهذا المنصب، إلا أنهم نبهوا أنه لم يتم اتخاذ قرار نهائي في هذا الشأن، حيث ما زالت هناك نقاشات حول لأي درجة سيكون المبعوث رفيع المستوى.

كما قالت المصادر لـ«فورين بوليسي»، إن هناك خلافًا حول ما إذا كان المبعوث سيقدم تقريره للرئيس الأمريكي، أم وزير الخارجية، أم مساعد وزير الخارجية للشئون الأفريقية مولي في، إلا أن النواب الأمريكيون يريدون مبعوث عالي المستوى بدرجة وصول عالية.

ويثير دعم الإمارات العربية المتحدة لقوات الدعم السريع غضب مجلس الشيوخ الأمريكي بشكل خاص، حتى أن مجموعة من النواب قامت، في خطوة غير معتادة وإن لم تكن غير مسبوقة، بإرسال خطاب مباشرة إلى وزير الخارجية الإماراتي، يدين دعم الإمارات لقوات الدعم السريع، ويحذر من أن مثل هذا الدعم قد يضر بالعلاقات الأمريكية الإماراتية، بحسب نسخة من الرسالة حصلت عليها «فورين بوليسي».

وتظهر هذه المبادرات تنامي الاستياء في مجلس الشيوخ من استجابة الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي للحرب في السودان، بالرغم من أنه يعتبر من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم.

كما أن ناشطي حقوق الإنسان يشعرون بالاستياء من الرئيس بايدن لعدم ممارسة الضغط السياسي والعلني الكافي على الإمارات العربية المتحدة لوقف دعمها لقوات الدعم السريع.

«واشنطن»: انتصار أي من طرفي القتال يفرض خسائر لا تحتمل على الشعب السوداني

الولايات المتحدة تدعو «الدعم السريع» إلى الكف فورًا عن قصف الأحياء المدنية

الخرطوم، 19 أكتوبر 2023 – أعربت الولايات المتحدة، عن قلقها البالغ، إزاء تقارير موثوقة، تفيد بأن قوات الدعم السريع، قد كثفت من وتيرة القصف في مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور ومحلية كرري بأم درمان والمناطق المحيطة بها.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية، في بيان الأربعاء، إنها على علم بالتقارير التي تتحدث عن معارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مدينة نيالا.

وأشارت إلى احتمال أن تكون الدعم السريع قد حاصرت المدينة تمهيدًا لشن هجوم، مما يهدد بحرمان السكان من إمكانية الفرار إلى بر الأمان.

وأضاف البيان «نشعر بالقلق أيضا إزاء التقارير التي تتحدث عن قصف قوات الدعم السريع لمعسكر الحصاحيصا للنازحين في وسط دارفور وقطع كافة سبل الوصول إليه».

ودعا البيان الدعم السريع إلى الكف فورًا عن قصف الأحياء المدنية وحماية المدنيين في نيالا وأم درمان ومختلف أنحاء السودان.

وأكدت الخارجية الأمريكية، أنه ما من حل عسكري مقبول لهذا الصراع، «إذ من شأن انتصار أي من الجانبين أن يفرض خسائر لا تحتمل على الشعب السوداني وبلاده».

وجددت الولايات المتحدة دعوتها للجيش السوداني والدعم السريع إلى وقف القتال على الفور والعودة إلى المحادثات للخروج من هذا الصراع عن طريق التفاوض.

وذكّر البيان الأمريكي، الجيش السوداني والدعم السريع بالتزاماتهما بموجب إعلان جدة بشأن مبادئ حماية المدنيين في السودان الذي أبرمه الطرفان بتاريخ 11مايو الماضي.

وتشتمل هذه الالتزامات على السماح بوصول المساعدات الإنسانية بدون عوائق، وحماية المدنيين وحقوق الإنسان الخاصة بهم، واحترام القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان. لقد حان الوقت لوضع حد لهذا الصراع وإنهاء معاناة الشعب السوداني.

السفير جون غودفري.. دبلوماسية واشنطن المتسارعة في سودان الثورة والانقلاب

في أواخر أغسطس العام الماضي، حطت على أرضية مطار الخرطوم قدمي أول سفير أمريكي للولايات المتحدة في السودان منذ حوالي 25 سنة. 

وصل الدبلوماسي الأمريكي الرفيع، جون غودفري، ذو الخلفية الأمنية، والذي خدم في بعض دول العالم العربي ذات الوضع الشبيه بوضع السودان، إلى العاصمة الخرطوم، سفيراً فوق العادة في مهمة تبدو متشابكة ومعقدة في أعقاب ثورة وانقلاب في أقل من  3 سنوات.

غداة وصوله، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي السودانية بالتعليقات، خاصة ما اعتبره البعض، أن مقدم غودفري في ذلك التوقيت يعد اعترافاً بانقلاب 25  أكتوبر 2021. 

ومع ذلك، فإن مرحلة تطبيع العلاقات بين الخرطوم وواشنطن التي أتت بغودفري، هي، عصارة مجهودات رئيس الوزراء السابق، عبد الله حمدوك، التي دشنت برفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، في ديسمبر 2020، وقبلها توقيع اتفاق لتبادل السفراء بي البلدين.

خطابات عدائية

يأتي تعيين أول سفير أمريكي بالسودان، بعد عقود من خطابات عدائية تجاه الدول الغربية ظلت تلقيها قيادات حكومة الرئيس المخلوع، عمر البشير، على مسامع الشعب السوداني مثل خطاب البشير في  ٨ نوفمبر ٢٠٠٨ الشهير في منطقة (الصباغ) بولاية القضارف في شرق البلاد، الذي ذكر فيه أن : “أمريكا وبريطانيا وفرنسا كلهم تحت مركوبي ده”، قبل أن يشير بإصبعه الى حذائه. 

غداة وصوله في خضم انقلاب عسكري وثورة مستمرة وعلاقات كانت مضطربة لعقود، وجه سفير واشنطن بالخرطوم، في سبتمبر الماضي، في أول خطاب له حديثه إلى السودانيين مباشرةً، معلنا نيته تعزيز علاقة الولايات المتحدة مع الشعب السوداني ودعم رغبتهم في دفع عجلة التحول الديمقراطي تحت قيادة مدنية.

سفارة ضخمة بالخرطوم بدون سفراء

رغم توتر العلاقات بين البلدين، على مدى عقود، إلا أن واشنطن نقلت مقر سفارتها من وسط الخرطوم إلى منطقة سوبا، جنوباً، بعدما شيدت مبنى ضخماً، احتل مساحة 40 ألف متر مربع. وهو يعد أكبر مبنى لسفارة أمريكية في أفريقيا بعد سفارتيها في القاهرة وجنوب أفريقيا. رغم ذلك، ظل ممثلو واشنطن الدبلوماسيين بدرجة قائم بالأعمال، فيما ظلت سياستها على مدى ربع قرن قائمة على تعيين مبعوثين خاصين لها في السودان.

الشرق الأوسط ومكافحة الإرهاب

وغودفري حاصل على درجة البكالوريوس من جامعة كاليفورنيا ودرجة الماجستير في دراسات الشرق الأوسط من جامعة ميتشيغان، وكان يشغل منصب القائم بأعمال منسق مكافحة الإرهاب والمبعوث الخاص بالإنابة للتحالف العالمي لمكافحة (داعش) في مكتب مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية.

وفي وقت سابق شغل منصب المستشار السياسي في سفارة الولايات المتحدة في الرياض، ورئيساً لموظفي نائب وزير الخارجية، وعمل مستشاراً سياسياً واقتصادياً في سفارة الولايات المتحدة في عشق آباد، تركمانستان، ومسؤولًا سياسياً في سفارة الولايات المتحدة في دمشق.

كما عمل أيضاً رئيس الموظفين لنائب وزير الخارجية آنذاك ويليام بيرنز، الذي يشغل الآن منصب مدير وكالة المخابرات المركزية في إدارة بايدن ، ومستشار الحد من التسلح في البعثة الدائمة للولايات المتحدة لدى المنظمات الدولية في فيينا (2010-2013)؛ نائب المستشار السياسي للشؤون الشمالية في سفارة الولايات المتحدة في بغداد (2009-2010). والمستشار السياسي والاقتصادي في سفارة الولايات المتحدة في طرابلس (2007-2009)، حيث كان جزءاً من الفريق الصغير الذي وضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية تسوية مطالبات الولايات  المتحدة من ليبيا التي تضمنت تعويض أسر ضحايا تفجير لوكربي وغيره من الأعمال الإرهابية.

سفيراً لكل السودانيين

 منذ تعيينه استفتح السفير خطاباته أكثر من مرة بتعبيره عن سعادته بالعمل في السودان والتعرف على شعبه وتعزيز العلاقات الثنائية والروابط معه، مشيرا إلى أن فهم الشعوب هي مهمة كل الدبلوماسيين في البلاد التي يعملون بها.

 “سأكون سفيرا لكل السودانيين، وسأسافر لكل أنحاء البلد لفهم الثقافة السودانية، وأرى الضيافة المعروف بها السودان”، هكذا تحدث غودفري لحظة توليه المنصب ورغم شغله الرأي العام السوداني والعالمي، وقتها، إلا أن أحداً ربما، لم يأخذ حديثه عن فهم الثقافة السودانية على محمل الجد باعتبار أنه حديث دبلوماسي عابر.

لكن، ومنذ أن تسلم مهامه رسمياً، ظل غودفري يفاجئ الرأي العام بزياراته إلى مختلف الأماكن والولايات السودانية، ومحاولة الاندماج في المجتمع وتقربه من المشايخ وقادة الطرق الصوفية وفنانين وشخصيات عامة. 

فتارة يغرد مروجاً للآثار السودانية وتارة يظهر كمشجع لكرة القدم النسائية، فيما غلب على منشوراته طابع يوميات الزيارات الاجتماعية والتهاني في المحافل والمناسبات الدينية، وهو ما جعله محط  تعليق دائم في محاولة لفهم النهج الذي يتبعه في السودان منذ قدومه.

أما الراهن السياسي، فلم يجد حظاً كبيراً في تغريداته الرسمية التي خلت من أي لهجة تشديد أو توجيه.

زيارات خارج الخرطوم

في العاشر من سبتمبر  العام الماضي، في أولى جولاته خارج الخرطوم، منذ تسلمه مهامه، زار السفيرالأمريكي ولاية شمال درفور لمدة 3 أيام، بهدف التعرف على الأوضاع في الإقليم خاصة فيما يلي تنفيذ اتفاق سلام جوبا بجانب التعرف على قضايا التنمية والاستقرار بما يمكن أمريكا من الاضطلاع بدور أكبر في تعزيز الأمن في السودان، وفق ما قالت السفارة في تغريدة رسمية لها.

 كما زار غودفري مخيم زمزم للنازحين (15كلم) جنوب مدينة الفاشر، وعقد لقاء مع المنظمات والهيئات الدولية العاملة بالولاية، فضلاً عن  لقاء آخر جمعه مع والي الولاية وقادة الإدارات الأهلية ولجان المقاومة، وشملت الزيارة جامعة الفاشر وقرية طرة شمال الفاشر.

شرق السودان كان مسرحاً لثاني زيارات الدبلوماسي الأمريكي خارج العاصمة، إذ نشرت السفارة الأمريكية تغريدة عن زيارة السفير في أكتوبر الماضي ومقابلته قادة أهليين مثل الناظرين عامر علي إبراهيم دقلل ومحمد الأمين ترك. إذ قال حساب السفارة وقتها إن غودفري أجرى “نقاشاً حافلاً بالمعلومات مع ناظر الهدندوة محمد الأمين ترك وأعرب عن تقديره لسماع وجهات نظره حول تحديات شرق السودان وأولوياته، فضلاً عن الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق بشأن حكومة مدنية جديدة”.

فيما أشارت تغريدة أخرى إلى نقاش عميق وغني بالمعلومات جمع بين “السفير ودقلل” عن وجهات نظره حول تحديات شرق السودان وأولوياته.

الاحتفاء بالمائدة السودانية

” فضولي تجاه المأكولات السودانية أثارته أحاديث أصدقائي وزملائي الذين امتدحوا مائدة سكان هذا البلد في شهر الصوم وضرورة تذوقها”، بتاريخ 18 أبريل 2021، عبر القائم بالأعمال الأمريكي السابق في الخرطوم براين شوكان وزوجته عن استمتاعهما بمائدة سودانية، لكن التجربة التي كانت ليوم واحد عند شوكان، أصبحت الاهتمام الدائم لدى غودفري، إذ نشر السفير تغريدة أثناء زيارته للولاية الشمالية في  منتصف يناير الماضي  يقول فيها: “سعدت كثيراً بوجبة القراصة مع أسرة الأستاذ عبد الوهاب علي عيسى بمنزلهم العامر في كريمة. كما تناولت تموراً وفواكه طازجة من هذا الموسم في الملتقى”. كما وثق لزيارته قهوة أم الحسن على طريق شريان الشمال والتقى عائلة السيدة الراحلة.

 

وفي فبراير الماضي، بعد نشره صوراً له من داخل مزراع الموز بمدينة الدمازين عاصمة إقليم النيل الأزرق أرفقها بقوله: “سُررت بزيارة إحدى مزارع الموز التي يشتهر بها إقليم النيل الأزرق. وهذا تذكير بالإمكانيات الهائلة لزيادة الإنتاج الزراعي التي يمكن للولايات المتحدة والسودان العمل معًا لتحقيقها عند تشكيل حكومة جديدة بقيادة مدنية”. 

 

يومها عقد غودفري لقاءات عديدة مع مكونات الإقليم ومجموعات شبابية للتعرف على التحديات التي يواجهونها ومجتمعاتهم، وآمالهم في الحرية والسلام والعدالة. بجانب إقامة فعالية له في مجمع الدمازين الثقافي الذي تدعمه الوكالة الأمريكية للتنمية بالعروض والموسيقى من مجموعات مختلفة بالنيل الأزرق.

الجبل المقدس

وفي الشمالية، وثّق السفير لزيارته لمناطق أثرية بالولاية ونشر صوراً له من أعلى قمة جبل البركل ومن مقابر الكرو ” 15 كلم من البركل”، قائلاً: “استمتعت بمنظر خلاب هذا الصباح على قمة جبل البركل المقدس، أحد الكنوز الثقافية العديدة التي تشرفت بزيارتها في السودان كما أتيحت لي الفرصة لزيارة المواقع الأثرية في الكرو”. مضيفاً “تعلمت الكثير عن التاريخ السوداني من الخبراء في متحف جبل البركل”. وتخللت الزيارة لقاءات جمعته بالسكان المحليين وبطلاب آثار إذ قال عنها: “شرفني كثيرا لقاء سكان محليين وعلماء وطلاب آثار سودانيين يعملون جنباً إلى جنب مع نظرائهم الدوليين للكشف عن المواقع الآثرية الموجودة هنا في السودان والمحافظة عليها، وأشار إلى تاريخ السودان قائلا: “يعد تاريخ السودان الغني جزءا مهما من تاريخ العالم”.

وتضمنت جولة السفير بالولاية الشمالية زيارة منطقة الكاسنجر السياحية ختمها بجلسة في منزل أولاد حاج الماحي الذين قدموا له درع هدية، وأشاد بحفاوة استقبالهم وعبر عن سعادته برؤيتهم ماضين في إرث العائلة المتمثل في دعم وتعزيز السلام والتسامح ضمن تغريداته.

السفير ومشايخ الطرق الصوفية

“أنا أقدر دور الصوفية في تشكيل الهوية السودانية والتسامح” ، غرد السفير في سبتمبر الماضي بعد زيارته مقبرة الشيخ حمد النيل بأمدرمان، مشيرا إلى أنه كان يتوق إلى مشاهدة الدراويش الصوفيين قبل وصوله السودان. كما كان حضوراً في أمدرمان أثناء احتفالات المولد النبوي الشريف بحوش الخليفة في أكتوبر الماضي، وطاف على عدد من خيام الطرق الصوفية وتوقف بخيمة الختمية واستقبله الخليفة البكري الخليفة أحمد.

ظهور سياسي شحيح

بعد توليه مهامه رسمياً التقى غودفري وفداً من المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير وشدد بعد لقائه قيادات التحالف، على أن سياسة حكومة الولايات المتحدة ثابتة في دعم التحول المدني الديمقراطي في السودان وأنها ستستأنف التعاون المشترك بين البلدين حين يتم استعادة مسار التحول الديمقراطي الذي تقوده حكومة مدنية ذات مصداقية.  

وقتها نقل إليه وفد الحرية والتغيير رؤيته عن “جوهر الأزمة في البلاد” هو انقلاب 25 أكتوبر، وأن تأسيس سلطة مدنية كاملة لن يكون إلا بإنهائه.  كما التقى وفود من العسكر وممثلي الحركات المسلحة، وجمعه لقاء مع  لجان المقاومة الذين شددوا بدورهم على عدم القبول بأي تسوية مع قادة الانقلاب، إلا أنه لم يعلق بشكل كبير على الأحداث السياسية ولم يظهر كشخصية دبلوماسية مؤثرة في التحولات السياسية بالبلاد.

ورغم أن السفير الأمريكي لم يجرِ مقابلات صحفية كثيرة للتعليق على الشأن السياسي، إلا أن المقابلة التي أجراها مع صحيفة التيار أواخر سبتمبر الماضي اعتبرت الأشهر وأثارت جدلاً واسعاً، إذ عبر فيها عن قلقه من تجدد ذكرى انقلاب 25 أكتوبر دون وصول السودانيين إلى اتفاق، وأشار إلى ضرورة الاعتراف بوجود قلق بين السودانيين وعند الشركاء الدوليين من الذكرى.  وأوضح أن بلاده ترغب في أن تكون الشريك الذي يختاره السودان واصفا إياه بالهدف الذهبي بالنسبة لها، لكنها تشترط أن يكون مفتاح هذا التواصل وقدوم الاستثمارات هو وجود حكومة بقيادة مدنية والإطار الدستوري الذي يستعيد المسار الانتقالي في السودان ورحب وقتها بمبادرة دستور نقابة المحامين ووصفها بـ التطور الإيجابي.

ولعل أبرز ماعلق عليه غودفري في تلك المقابلة، رده على تصريحات المستشار الإعلامي لقائد الجيش، الطاهر أبو هاجة قائلاً: “ليس صحيحا ما قاله أبو هاجة بأن مشاركة البرهان في الأمم المتحدة تعني أنها صفحة جديدة مع الغرب وأمريكا”، وهو ما أوضح كثيراً عن مدى اعتراف أمريكا بالانقلاب وقتها ونظرتها للبرهان”.

خلع الدبلوماسي الأمريكي الرفيع، للحظة وجه الحكمة والهدوء، عندما أشار الصحفي المحاور إلى سيرة اعتزام روسيا إنشاء قاعدة في البحر الأحمر، قائلاً باقتضاب “إذا مضت حكومة السودان قدمًا نحو إنشاء قاعدة روسية في البحر الأحمر أو استأنفت التفاوض بشأنها فسيكون هذا الأمر مضراً بمصلحة السودان”. وهو ما ترك صدى جعله موضع تحقيق، حيث أشارت تقارير إخبارية إلى أن وزارة الخارجية السودانية استدعته للتوضيح، لكن مع ذلك لم تشر الوزارة إلى هذا الأمر بشكل رسمي.

إطلاق سراح أبو زيد يثير أزمة دبلوماسية

في الأول من فبراير الماضي، أصدرت محكمة سودانية، قراراً، وضع الدبلوماسي والخبير في مكافحة الإرهاب، في اختبار يفترض أنه سيثير غضبه ويوتر وجوده في السودان ويؤثر على مساره الدبلوماسي الهادئ، بعد إعلان محكمة سودانية سراح عبد الرؤوف أبو زيد أحد المدانين بقتل الدبلوماسي الأمريكي جون جرانفيل موظف الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في الخرطوم عام 2008. غير أن السفير تعامل مع الموقف بردة فعل لا تتماشى مع غضب بلاده من القرار. ففي الوقت الذي دعت فيه الولايات المتحدة، الحكومة السودانية لاستخدام جميع الوسائل القانونية المتاحة للعدول عن قرار الإفراج، إذ قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية السابق، نيد برايس، في تصريحات للصحفيين “ندعو الحكومة السودانية لاستخدام جميع السبل القانونية المتاحة للعدول عن ذلك القرار وإعادة احتجاز أبو زيد” وأضاف مشددا ” لن نهدأ”.

بينما علق  مساعد الوزير لشؤون شرق أفريقيا والسودان وجنوب السودان، بيتر لورد قائلا إنه سيناقش الأمر ويطالب باتخاذ إجراء خلال زيارته إلى الخرطوم الأسبوع المقبل.

فيما وصف السيناتور الأمريكي جيم ريش “أبرز عضو جمهوري في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي” أن الإفراج عن أبو زيد أمر “شائن”، وقال في تغريدة على موقع تويتر “هذا الإجراء يدق إسفينا بين الولايات المتحدة والسودان ويكشف إفلات النظام من العقاب ويعقد مستقبل المساعدات الأمريكية”.

في الوقت الذي تتابعت فيه تصريحات المسؤولين الأمريكيين وتهديداتهم، بينما تم استدعاء سفير السودان لدى الولايات المتحدة محمد عبد الله إدريس بخصوص القضية، اكتفى غودفري الموجود في الخرطوم بأنه سيجري لقاءات مع الحكومة السودانية بدون لهجة تحمل صيغة تهديد أو وعيد، فيما واصل في زياراته الاجتماعية مع حلول شهر رمضان الذي ظهرت فيه السفارة الأمريكية بمنظر الراعي للإفطارات والفعاليات الرمضانية. 

 يقول السفير السوداني السابق لدى واشنطن نور الدين ساتي لـ( بيم ريبورتس): “ليس هناك في الاتفاقات والأعراف الدبلوماسية ما يحظر تحرك السفراء والدبلوماسيين في أنحاء البلاد المضيفة. وربما يتم الحظر أو التقييد لأسباب أمنية، أو لحالة عداء بين دولة السفير والدولة التي يعتمد لديها، أو لعدم توفر الثقة المطلوبة بينهما. وربما يتم الحظر بسبب إخفاء بعض الحقائق التي لا تود الدولة المضيفة أن يطلع عليها السفراء المعتمدين لديها، كحالات التجاوزات في إطار حقوق الإنسان على سبيل المثال”.

 

ويرى ساتي، أن السفير الأمريكي ربما يود انتهاج دبلوماسية الانفتاح على الواقع في البلد الذي يمثل بلاده فيه، مع مراعاة الظروف الأمنية في بعض الأحوال، أو الشكوك التي تنشأ في بلد كالسودان عانى خلال عدة حقب من العزلة الدولية والانغلاق السياسي والاجتماعي بسبب الأنظمة الشمولية المتعاقبة، أو لأسباب أيديولوجية ترتبط بالنظرة للولايات للمتحدة من قبل بعض الأطراف السياسية أو الاجتماعية في السودان.

 

ويتابع الدبلوماسي المخضرم: “يبدو من استقبال الناس له أنهم يستحسنون هذا الانفتاح علي المجتمع، قبل أن يشير إلى أن انتقاد آخرين لهذا التصرف يأتي بسبب الظروف السياسية والاجتماعية السائدة، أو لموقفهم المبدئي من الولايات المتحدة”.

 

وفيما يتعلق بتعامل الولايات المتحدة مع السفير السوداني هناك يشير ساتي إلى أن السفير السوداني يستطيع التجول في كافة أرجاء الولايات المتحدة دون قيود بعد رفع الحظر الذي كان مفروضاً خلال النظام السابق.

 

ورغم أن وزارة الخارجية السودانية، ممثلة في ناطقها الرسمي، عبد الرحمن خليل أشارت لـ(بيم ريبورتس) إلى علمها التام بتحركات السفير والتنسيق الكامل فيما بينهما.

 

ومع ذلك، قال خليل إن زيارات السفير الاجتماعية لا تتطلب بالضرورة موافقة الخارجية وتتبعها لحركته، مشيرًا إلى أنه عرفياً يفترض أن تتواصل الخارجية والسفارة الأمريكية في كافة الأحوال مع السفير.

 

 ورداً على سؤالنا حول سياسية السودان في المقابل تجاه الولايات المتحدة، تحفظ الناطق الرسمي على الرد، حيث رأى أن الحديث عن سياسات البلاد الخارجية يحتاج إلى حوار منفصل مع الوزارة.

 

في الأثناء، يواصل السفير تحركاته وأنشطته الرمضانية ذات الطابع الاجتماعي، فيما ترعى السفارة مهرجانات سودانية كبيرة مثل مهرجان بلاد النور حيث أحضرت (فرقة روك) أمريكية كبيرة في إحدى فعاليات المهرجان في مدينة عطبرة. أما على الصعيد السياسي، ما تزال الأنشطة محصورة فقط في إطار استعادة الانتقال الديمقراطي والذي تشترط واشنطن حدوثه لتمضي قدماً في تعميق العلاقات الرسمية بين البلدين. 

هل يسهم تبادل السفراء في بداية حقبة جديدة للعلاقات بين الخرطوم وواشنطن؟

“أنا سعيد للغاية بوصولي إلى السودان.. أتطلع إلى تعميق العلاقات بين الشعبين الأميريكي والسوداني ودعم تطلعات الشعب السوداني في الحرية، السلام، العدالة، والتحول الديمقراطي”. هكذا عبّر أول سفير أميركي في السودان منذ نحو 25 عاماً، جون قودفري، على حسابه الرسمي بموقع تويتر، عن رؤيته للعلاقات بين الخرطوم وواشنطن، غداة وصوله إلى البلاد في الرابع والعشرين من أغسطس الماضي.

بوصوله إلى الخرطوم، سفيراً فوق العادة للولايات المتحدة في السودان، أنهى قودفري، حقبةً طويلةً من العداء بين البلدين، ليكون أول خلف لزميله، آخر سفير أميريكي بالخرطوم تيموثي م. كارني الذي غادر البلاد في 30 نوفمبر عام 1997م، إلى العاصمة الكينية نيروبي، بعدما قلصت الولايات المتحدة تمثيلها في السودان إلى قائم بأعمال.

لكن، نهاية الحقبة الطويلة من العداء بين الخرطوم وواشنطن، بتعيين سفير أميريكي في البلاد، كان تتويجاً لتطبيع العلاقات خلال حكومة الفترة الانتقالية المدنية سبتمبر 2019م – أكتوبر 2021م. 

وتمثل تطبيع العلاقات بين الخرطوم وواشنطن، في عقد اتفاق لتبادل السفراء، بين رئيس الوزراء السابق، عبد الله حمدوك، ووزير الخارجية الأميريكي السابق، مايك بومبيو في عام 2019م، حيث قدّم أول سفير للسودان في واشنطن منذ أكثر من عقدين نور الدين ساتي، أوراق اعتماده للرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب في عام 2020م.

لم يكد يمر سوى عام على ذلك الاتفاق، وأقل من عامين على إطاحة نظام الرئيس المخلوع، عمر البشير، في ثورة شعبية في أبريل 2019م، حتى دخلت العلاقات بين البلدين إلى مرحلة جديدة، بعدما أزالت الولايات المتحدة في ديسمبر 2020م، السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، عقب مفاوضات بين الخرطوم وواشنطن بدأت منذ وصول الحكومة الانتقالية إلى السلطة.

وكانت واشنطن قد وضعت الخرطوم في قائمتها للدول الراعية للإرهاب، في أغسطس 1993م، في أعقاب تدهور العلاقات بين البلدين، وإيواء السودان لجماعات إرهابية متطرفة، حيث مثّلت تلك الخطوة متوالية انحدار سريعة وغير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين السودان والولايات المتحدة.

تاريخياً، بدأت العلاقات السودانية ـ الأميركية، رسمياً، بعدما تم تأسيس أول بعثة دبلوماسية في الخرطوم في 15 فبراير 1956م، ليقدم رئيسها وأول قائم بالأعمال آرثر بيش أوراقه للحكومة السودانية، في السابع عشر من مارس 1956م، وذلك بعد شهرين على استقلال البلاد في الأول من يناير 1956م.

وشهدت العلاقات بين البلدين، صعوداً وهبوطاً، لكن أول منعطفاتها الحادة بدأت في أعقاب قمة اللاءات الثلاثة التي عُقدت بالخرطوم عام 1967م، بعد (النكبة) هزيمة مصر عسكرياً من دولة الاحتلال الإسرائيلي، حيث أغلقت السفارة الأميريكية بالخرطوم في يونيو من نفس العام، وانتقلت أعمالها إلى السفارة الهولندية، قبل أن يُعاد فتحها في 25 يوليو 1972م. 

أيضاً، قاد مقتل السفير الأميركي، كليو نويل، داخل مبنى السفارة السعودية بالخرطوم، في مطلع مارس 1973م، على يد جماعة (أيلول الأسود) الفلسطينية، إلى توتر العلاقات السودانية ـ الأميريكية، كما أنه سبب حرجاً بالغاً للأجهزة الأمنية السودانية. لكن ذروة تدهور العلاقات كانت مع وصول نظام الرئيس المخلوع، عمر البشير إلى السلطة في عام 1989م.

مع انقلاب 25 مايو 1969م، أيضاً ساءت العلاقات بين الخرطوم وواشنطن، بسبب توجه النظام وقتها للمعسكر الشرقي واعترافه بألمانيا الشرقية، قبل أن تتحسن مرة أخرى، عقب انقلاب 19 يوليو 1971م.

لكن، بعد تطبيع العلاقات بين الخرطوم وواشنطن في 1972م مرة أخرى، جرى العمل على إحياء مشروع الرهد الزراعي عن طريق مؤسسة التنمية الدولية والحصول على تمويلات عبر برامج المعونة من مؤسسات ضمان الاستثمار الأميريكية لمشروعات النقل، (طائرات بوينج للخطوط الجوية السودانية، قاطرات لسكك حديد السودان)، بجانب مشروعات أخرى.

بالإضافة إلى العمل، على استكشاف النفط عبر شركة شيفرون الأميركية، والتي اكتشفت الغاز بكميات تجارية في البحر الأحمر وبدأ التنقيب عن النفط بصورة جادة في عهد عبود بموجب قانون تنمية المواد البترولية 1958م.

مع إعلان الرئيس المخلوع، جعفر نميري، قوانين سبتمبر في عام 1983م، تدهورت العلاقات بين البلدين، قبل أن تتحسن مرةً أخرى في أعقاب عملية نقل اليهود الفلاشا إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي عام 1985م.

عندما أطيح نظام نميري في ثورة شعبية في أبريل 1985م، كان في زيارة رسمية إلى الولايات المتحدة، حيث كان يجري محادثات مع الرئيس رونالد ريغان.

غير أنه، في فترة الحكومة الانتقالية التي أعقبت سقوط نظام نميري، تدنت المعونات الأميريكية إلى أقل من 25 مليون دولار في عام 1985م واعترف السفير الأميريكي الأسبق في الخرطوم، نورمان أندرسون، بأن حكومة بلاده خفضت مساعداتها بشدة للحكومة الديمقراطية، ولم يخف السفير خيبة أمله في حكومة الصادق المهدي. 

على الرغم من التحفظات الأميريكية، استمر التعاون الفني والاقتصادي في عهد حكومة رئيس الوزراء الراحل، الصادق المهدي، كما استمر التعاون بين الجيش السوداني والبنتاغون في تدريب كوادره، لكن في العام 1988م، تم تطبيق أول عقوبات أميريكية على السودان نتيجة لتراكم المتأخرات وعدم سداد الديون، وكانت فى شكل حرمان من المعونة.

المساعدات العسكرية الأكبر في أفريقيا

في عام 1979م، أقر مجلس الشيوخ الأميريكي إمداد السودان بمقاتلات جوية، كما أجريت لأول مرة عام 1981م، عمليات عسكرية بين الولايات المتحدة والسودان تحت اسم عملية النجم الساطع. وخلال الفترة، بين 1976-1982م، ارتفع حجم العون والمشتريات من الأسلحة الأميريكية إلى 154 مليون دولار و161 مليون دولار على التوالي. كما أصبح حجم المساعدات العسكرية الأميريكية للسودان بين 1976-1985م هو الأكبر في أفريقيا، حسبما يذكر وزير الخارجية السوداني الأسبق، والمؤرخ السياسي الراحل، منصور خالد.

ويضيف خالد في كتابه (شذرات من وهوامش على سيرة ذاتية) الجزء الرابع المعنون بـ(الدبلوماسية السودانية في نصف قرن)، إلى أن السودان وفر في مطلع الثمانينات تسهيلات على ساحل البحر الأحمر لمناورات أجرتها القيادة الوسطى للجيش الأميريكي مع الجيش السوداني.

في العام 1993م، أدرجت الولايات المتحدة الأميريكية السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب وتلقائياً حرمت البلاد من كل برامج المعونة الأميريكية الزراعية، برامج دعم السلام، القروض التفضيلية وغيرها، كما فرض الرئيس الأميريكي الأسبق، بيل كلينتون عقوبات اقتصادية على البلاد في 1997م، رفعت في عام 2017م، في عهد إدارة الرئيس باراك أوباما.

في أغسطس 1998م، قصفت إدارة الرئيس كلينتون مصنع الشفاء، بالخرطوم بحري بدعاوي إنتاجه أسلحة كيماوية، في نفس العام اتهمت الولايات المتحدة السودان بالضلوع في تفجير سفارتيها بكل من: نيروبي (كينيا)، ودار السلام (تنزانيا)، كما اتهمته في عام 2000م، بالضلوع في تفجير المدمرة كول باليمن.

لكن عقب تفجيرات 11 سبتمبر الإرهابية في عام 2001م بالولايات المتحدة الأميريكية، سارع نظام الرئيس المخلوع، عمر البشير، في عرض التعاون الأمني مع الولايات المتحدة، بعد تبني تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن تنفيذه التفجيرات. 

وقبل منتصف تسعينات القرن الماضي، استضافت الخرطوم، بن لادن ومجموعات جهادية أخرى، وإدراكاً منه للمخاطر المحدقة به، بادر النظام السوداني بالتعاون مع نظام بوش في القضية التي كانت تمثل في تلك اللحظة أولوية قصوى بالنسبة له: محاربة الإرهاب. لم يدافع النظام عن بن لادن وجماعته، بل غض الطرف عنه ونفض اليد منه.  كما اتخذت أجهزة الأمن السوداني قراراً بتمكين أجهزة الأمن الأميركية بالاطلاع على كل ملفات أسامة بن لادن والجماعات الأخرى التي كانت تتحرك في السودان. كما كشفت أجهزة الأمن السودانية عن كل ما كانت الأجهزة الأمنية الأميريكية تطمح في الاطلاع عليه بما في ذلك حسابات البنوك.

المساعدات الأميريكية والتعاون الاقتصادي

في عام 1961م، زار الرئيس السوداني الراحل، إبراهيم عبود الولايات المتحدة، بعدما تلقى دعوة من رئيسها جون كيندي، حيث ساد المحادثات جو ودي انتهى بموافقة الرئيس كنيدي على زيادة إسهام بلاده في مشروع الطرق السودانية.

وكانت الحكومة الأميريكية، قد قدمت مشروع معونة إلى الحكومة السودانية الائتلافية من حزبي الأمة والشعب الديمقراطي، في عام 1958م، إلا أنها قوبلت بمعارضة شديدة قبل أن يُفعلها عبود عقب زيارته إلى واشنطن.

وأيضاً، مع تسبب الجفاف الذي ضرب البلاد في نهاية السبعينات في مجاعة ضربت أنحاء واسعة من أقاليم السودان، بما فيها تلك المنتجة للحبوب، ساهمت إدارة الرئيس رونالد ريغان بفك تلك الضائقة الغذائية، إما عبر القانون 480، أو عن طريق برنامج الغذاء العالمي. أيضاً، برمجت الإدارة الأميركية، خلال فترة الحكومة الانتقالية 2019-2021م، عون غذائي كان يقدر بأكثر من 300 ألف طن قمح، توقف مع انقلاب 25 أكتوبر2021م. 

في فترات عديدة من حكم نظام نميري، كان هنالك تعاون عسكري بين الخرطوم وواشنطن يعد الأكبر في تاريخ البلدين، واستمر حتى الحكومة الديمقراطية الأخيرة. أيضاً، بدأ استكشاف البترول على عدة فترات، كان آخرها عمل شركة شيفرون على تنقيب البترول في أواخر عهد حكم نميري، ومحاولات أجرتها حكومة الصادق المهدي لعودة شركة شيفرون الأميركية.

ملف السلام

بدأ تدخل الحكومة الأميركية للمرة الأولى في الحرب الأهلية الدائرة في السودان، في ثمانينات القرن الماضي، قبل أن تتوج مشاركتها في إنجاز اتفاق السلام الشامل في عام 2005م، كذلك عملها المشترك مع دول أخرى في توقيع اتفاق سلام جوبا في عام 2020م.

عقب انقلاب 30 يونيو 1989م، أصدرت واشنطن بياناً أدانت فيه الانقلاب العسكري، وطالبت العسكر بالعودة إلى ثكناتهم، كما ألمحت إلى اتخاذ إجراءات أخرى. 

في الخامس من يوليو 1989م، أعملت الإدارة الأميركية المادة 518 من قانون الاعتمادات لتمويل عمليات الصادرات الخارجية، المعروف بتعديل بروك، قبل أن توقف المعونات العسكرية والعون الغذائي، فيما أبقت على المساعدات الإنسانية. 

يلخص وزير الخارجية السوداني الأسبق، والمؤرخ السياسي الراحل، منصور خالد، في كتابه آخر كتبه: (شذرات من وهوامش على سيرة ذاتية) الجزء الرابع المعنون بـ(الدبلوماسية السودانية في نصف قرن)، مسيرة العلاقات السودانية ـ الأميريكية منذ الاستقلال.

يقول خالد: “طوال الفترة التي امتدت من استقلال السودان في النصف الثاني من خمسينيات القرن الماضي حتى نهاية حكومة الصادق المهدي في يونيو 1989م، اتسمت العلاقة بين أنظمة الحكم المختلفة والولايات المتحدة بالحرص على تبادل المنافع مهما كان من اختلاف المواقف حول تلك العلاقة والتشويش الأيديولوجي عن السياسات الوطنية”.