Category: اجتماعي

السودان: مساعٍ لاستعادة قطاع صحي مدمر بعد عامين من الحرب

لم يكن قد مر يومان على اندلاع الحرب في العاصمة السودانية الخرطوم حتى أعلنت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان عن تعرض أربع مستشفيات للقصف وخروج ثلاثة عن الخدمة وتعرض مستشفى للاعتداء واخلاء المستشفيات بما في ذلك مركز دكتورة سلمى لأمراض الكلى القريب من رئاسة قيادة الجيش بوسط الخرطوم.

وامتد الضرر حتى مستشفيات أخرى خارج الخرطوم إذ قالت اللجنة في تصريح صحفي بتاريخ 17 أبريل 2023 إنه تم اقتحام مستشفى الضمان التخصصي بمدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان مما أدى إلى خروجه عن الخدمة، مضيفةً كما خرج مستشفى الجنينة بولاية غرب دارفور ومستشفى الضمان ومشفى مروي العسكري عن الخدمة.

وسرعان ما ظهرت نتائج هذه الأضرار في الأيام الأولى حيث حبس مئات المرضى الذين كانوا يتلقون العناية في هذه المستشفيات والمرافقين لهم والكوادر الطبية العاملة بها كما اقتحمت الدعم السريع بعض هذه المستشفيات وشنت عددًا من الهجمات.

بتاريخ 15 أبريل قبل عامين اندلعت شرارة نزاع عسكري دامي في أعقاب التوترات العسكرية التي تصاعدت لأيام بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع معلنة بداية أكبر أزمة انسانية في العالم وفق ما وصفتها منظمات عالمية مخلفة آثارًا كارثية تضررت منها جميع القطاعات والخدمات خاصة الصحية في البلد المهترئ منذ ما قبل الحرب واستشرت خراباً ودراماً هائلاً وقتل وأصيب فيها مئات الآلاف.

في أول تصريح لمنظمة الصحية العالمية على الوضع في السودان أدان مديرها الإقليمي وقتها، أحمد المنظري، بشدة الهجمات المبلَّغ عنها على الموظفين الصحيين والمرافق الصحية وسيارات الإسعاف معتبرًا أنها آخذة في الازدياد. وأعرب عن قلقه البالغ إثر هذه البلاغات والتقارير وشدد على أن الهجمات على مرافق الرعاية الصحية انتهاك صارخ للقانون الدولي والحق في الصحة. مطالباً بإيقافها على الفور. 

بمرور الشهر الأول للحرب أعلن الجيش السوداني في تصريح صحفي بتاريخ 17 مايو 2023 عن استمرار سيطرة الدعم السريع على 22 مستشفى ومرفق صحي وحولت بعضها إلى قواعد عسكرية. كما قالت اللجنة التمهيدية إن 66 بالمائة من مستشفيات البلاد الخاصة في المناطق القريبة من الإشتباكات توقفت عن الخدمة وتابعت : فمن أصل 89 مستشفى أساسياً في الخرطوم والولايات توقف عن الخدمة 59 مستشفى، و30 مستشفى فقط تعمل بشكل كامل أو جزئي.

وفيما يخص الأطباء قالت وزارة الصحة إن 11 طبيبًا قتلوا قضي بعضهم داخل المستشفيات التي تعرضت للقصف وآخرون أثناء ذهابهم إلى أماكن عملهم أو عودتهم منها.

وفي بادرة انسانية تجلت فيها معاناة الشعب في الوصول إلى العلاج وتخفيف الأطباء على المحاصرين في النزاع نشر أطباء متطوعون أرقام هواتفهم على منصات التواصل الاجتماعي، معلنين عن استعدادهم لتقديم الإستشارات الطبية للمرضى، وأكدوا أنه لا مانع لديهم من زيارتهم إذا كانوا بالقرب من مناطق سكنهم، كما أن آخرين حولوا أجزاء من منازلهم إلى عيادات يرتادها سكان الحي كما أنشأ بعضهم مجموعات على موقع التواصل واتس آب حولوها إلى عيادة عبر الأثير.

أيضًا تعرض الأطباء إلى المضايقات والإعتقال منذ بدايات الحرب وحتى اللحظة في مناطق سيطرة الدعم السريع، وذكرت منظمة أطباء السودان من أجل حقوق الإنسان في  تقرير لها صدر في أبريل الحالي قامت فيه بتوثيق وتحليل أنماط اعتقال الأطباء خلال الفترة من أبريل 2023 وحتى مارس 2025 ـ ذكرت أنها سجلت اعتقال 10 أطباء في 2023 وارتفعت إلى 15 حالة مضيفةً وفي 2025 سُجلت 11 حالة اعتقال جديدة حتى مارس.

وبحسب التوزيع الجغرافي الذي نشرته المنظمة، فإن الإعتقالات تركزت في أحياء أم درمان، شرق النيل، جبل أولياء، الرياض، الكلاكلة، المنشية، والحاج يوسف. وفي ولاية الجزيرة خصوصاً عاصمتها مدينة ود مدني، بالإضافة إلى حالات متفرقة في شمال كردفان، الدمازين، ربك، والدويم. 

ولفتت إلى أن العديد من هذه الاعتقالات تمت داخل المستشفيات أو العيادات الخاصة ،وأخرى من منازل الأطباءً أو حتى من المساجد ،منبهة إلى أن ذلك يعكس الطبيعة التعسفية والاستهداف الشخصي للكوادر الطبية.

بمرور 100 يوم على الحرب في السودان أعلنت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان في 23 يوليو 2023  أن 70% من المستشفيات في مناطق الاشتباكات بالخرطوم والولايات الأخرى متوقفة عن الخدمة من أصل 89 مستشفى أساسية في العاصمة والولايات.

ولفت البيان إلى أن هناك 62 مستشفى متوقفة عن الخدمة، و27 مستشفى تعمل بشكل كامل أو جزئي.وقبلها بأيام وثقت منظمة الصحة العالمية 82 هجوماً على مرافق الرعاية الصحية منها 17 هجوم خلال ستة أسابيع فقط.

توقف المراكز المتخصصة

مع دخول الحرب شهرها الثاني دق ناقوس الخطر في المراكز المتخصصة مثل القلب والأورام والكلى ففي يوليو 2023 أشار تقرير للإدارة العامة للطب العلاجي، إلى خروج مراكز قسطرة وجراحة القلب عن الخدمة البالغة ست مراكز منها  خمس مراكز بولاية الخرطوم، ومركز واحد بولاية الجزيرة جراء الحرب والتي تعتبر من أهم المراكز، بينما أُجريت 280 عملية قسطرة علاجية، وتشخيصية وناظمات في المراكز العاملة وأشارت الإدارة إلى توقف مراكز المخ والأعصاب بالخرطوم، ود مدني ونيالا، فيما نوهت إلى أن 44 مركزا للكلى تعمل حاليًا من جملة 102مركزًا.وأضافت أنّ المركز القومي لأمراض وجراحة الكلى وفر7 ماكينات للغسيل مع توزيع 38 ماكينة مقدمة من صندوق المرضى السعودي لبعض الولايات.

غير أن أزمة مراكز الكلى عادت بشكل أكبر وتضاعفت في أغسطس 2023 إذ  أصبحت غالب مراكز الغسيل في الولايات الآمنة مهددة بالإغلاق بسبب تزايد الضغط عليها جراء توافد أعداد كبيرة من النازحين لتلقي العلاج وإجراء الفحوص الطبية.

وإزاء هذا الوضع، أطلقت شبكة أطباء السودان نداءً عاجلاً إلى السلطات الصحية ومنظمة الصحة العالمية والمنظمات الإقليمية والمحلية العاملة في المجال، للإسهام في توفير معينات مرضى الكلى وإعادة صيانة الماكينات لفتت شبكة أطباء السودان إلى توقف المراكز في الأقاليم التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.

بالنسبة لمراكز علاج الأورام والعلاج الإشعاعي التي كانت شحيحة في الأصل بالبلاد فقد السودان بسبب الحرب خمسة أجهزة للعلاج الإشعاعي كانت موجودة في ولايتي الخرطوم والجزيرة، ولم يتبق إلا جهاز واحد في مستشفى مروي شمالي السودان.

وكانت منظمة الصحة العالمية قد قالت إن السودان كدولة نامية يحتاج إلى 42 جهاز علاج إشعاعي وذلك بناء على توصيات صدرت عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وقال مدير المراكز القومية لعلاج الأورام في السودان دفع الله عمر أبو إدريس في تصريح يوليو 2023 :”للأسف هذا هو الواقع، لا يتوفر علاج إشعاعي الآن في السودان، فقدنا كل آلات العلاج الإشعاعي في مدني والخرطوم، لدينا آلة واحدة بمستشفي مروي، وهذه الآلة توفر نحو 5 بالمائة فقط من حاجتنا للعلاج الإشعاعي”.

وقبل يومين وقعت وزارة الصحة الإتحادية اتفاقية مع مدينة الملك حسن الطبية ومركز الحسين للسرطان في المملكة الأردنية الهاشمية بغرض تعزيز التعاون الطبي لعلاج مرضى السرطان خاصة سرطان الأطفال والعلاج الإشعاعيّ وتوفير فرص تدريب للكوادر السودانية.

الفاشر قصة الصمود

طالت الحرب اقليم دارفور منذ الأيام الأولى غرباً وشمالاً وتعرضت مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور لعدد من الهجمات التي استهدفت المستشفيات بدايات الحرب وازدادت عنفاً يوماً عن يوم حتى انهار القطاع بالكامل في المدينة ومعسكرات النزوح بها.

وطالت الهجمات التي وصفت بالممنهجة من قبل الدعم السريع جميع مستشفيات الفاشر وأبرزها: (المستشفى التعليمي، مستشفى النساء والتوليد التخصصي، المستشفى العسكري، مستشفى الشرطة، مستشفى الفاشر الجنوبي)، وأغلقت بعضها أكثر من مرة ابتداءً من يونيو 2023  إلى أن توقفت بالكامل.

تمسك بالنجاة في الفاشر

ورغم استمرار الهجمات لم يستسلم المواطنين الموجودين في الفاشر من تشديد الدعم السريع حصارها عليها منذ مايو 2024 حيث افتتح المواطنون بمجهودات أهلية بعض المراكز بالإضافة إلى المستشفى السعودي للولادة لكن الدعم السريع استمرت في استهدافه عبر هجمات مستمرة لاقت انتقادًا دولياً واقليمياً حتى أغلق أكثر من مرة أخرها في ديسمبر 2024.

برز صمود أهل الفاشر في الحفاظ علي حقهم في العلاج عبر تصمميهم  ملاجئ تحت الأرض تحت إشراف إدارة المستشفى التخصصي للنساء والتوليد (السعودي) بهدف توفير الحماية اللازمة للأطباء والمدنيين، ولضمان استمرارية الخدمات الصحية الحيوية، حيث عُدت هذه الملاجئ خطًا دفاعيًا أساسيًا لضمان وصول الخدمات الصحية إلى الأشخاص الأكثر احتياجًا  وهي من حاويات (سعة 20 قدم)، تم دفنها في باطن الأرض وتغطيتها بأكياس من التراب.

وداخل هذه الهياكل، توجد غرفة مكتب للأطباء والطاقم الطبي، بالإضافة إلى غرفة للعمليات الطبية الطارئة في حالة اشتداد القصف أو الاشتباكات، ولكي يتمكن الأطباء والطاقم الطبي من مباشرة المهام الطبية والإسعافية بأمان.

أيضًا في يناير الماضي خطفت صورة تظهر اجراء أطباء المستشفى السعودي في الفاشر عملية جراحية بأضواء الهواتف المحمولة أثناء تعرضه للقصف وانقطاع الكهرباء قلوب السودانيين وعكست أقصى درجات الصمود والصبر من الكوادر الطبية . 

اعتراف بالانهيار

استمر الوضع الصحي في البلاد في التدهور حتى انهار القطاع بشكل شبه كامل إذ أعلن وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم في مؤتمر صحفي أواخر ديسمبر الماضي توثيق وزارة الصحة وفاة 12 ألف مدني في مستشفيات البلاد، وهو ما يمثل 10% فقط من إجمالي عدد القتلى في الحرب. 

واسترسل إبراهيم قائلاً إن الخسائر التي تكبدها القطاع الصحي نتيجة الحرب وصلت إلى نحو 11 مليار دولار. وأشار إلى أن 250 مستشفى من أصل 750 مستشفى خرجت عن الخدمة بسبب الدمار الذي لحق بها، مما حرم الملايين من الرعاية الصحية الأساسية.ووصف وزير الصحة الوضع الإنساني في السودان بأنه الأسوأ في تاريخ البلاد.

الأوبئة تفاقم الأزمة

 لم تتوقف مأسي الحرب حيث تفاقمت الأزمة الصحية مع تفشي الأمراض الناجمة عن تلوث المياه إذ أكد وزير الصحة، تسجيل  1258 حالة وفاة بالكوليرا وأكثر من 48 ألف إصابة و8450 حالة بحمى الضنك،نتيجة انهيار البنية التحتية لمحطات المياه في عدة مناطق،  و870 حالة وفاة أمهات حوامل بسبب غياب الخدمات الصحية بمناطق سيطرة الدعم السريع، وأشار إلى فقد 60 كادراً صحيا أرواحهم أثناء تأدية عملهم.

80 مليون دولار لإصلاح النظام الصحي

مع تقدم الجيش السوداني في عدد من المحاور القتالية في العاصمة الخرطوم وبعض الولايات وعدت عدد من الدول بينها السعودية ومصر بالمساهمة في إعادة إعمار دمار الحرب وصحياً أطلقت وزارة الصحة السودانية مشروع المساعدة الصحية والاستجابة للطوارئ في السودان، الذي يستهدف 8 ملايين مواطن في عشر ولايات كمرحلة أولى.وقالت إن الولايات المستهدفة بالمشروع هي الشمالية، كسلا، نهر النيل، البحر الأحمر، الخرطوم، النيل الأزرق، سنار، شمال كردفان، جنوب دارفور، وغرب دارفور.

وبحسب تصريح صادر عن وزير الصحة يناير الماضي فإن المشروع مدعوم بمبلغ 20 مليون دولار من البنك الدولي، كجزء من ميزانية إجمالية تبلغ 80 مليون دولار مخصصة لإصلاح النظام الصحي، منها 20 مليونًا لتطوير المستشفيات عبر منظمة الصحة العالمية، و62 مليونًا للرعاية الصحية الأساسية عبر اليونيسف.

واعتبر وزير الصحة المُكلف هيثم محمد إبراهيم، أن المشروع يمثل خطوة رئيسية نحو إعادة بناء النظام الصحي في السودان، مشيرًا إلى الحاجة الملحّة لدعم 6 آلاف مؤسسة صحية في البلاد.

وأمس الأحد قدر الوزير المكلف في تصريح صحفي حوجة إعادة تأهيل القطاع الصحي المالية بـ(2.2) مليار دولار خلال العام الأول مضيفاً :”نعمل على توفيرها مع الدولة والمانحين”.

توقف حكايات نيالا وصافرات قطارها وميلاد أزمنة حربها المدمرة

22 مارس 2025 – على مدى نحو عامين لم يطلق قطار نيالا صافرته التي بدأت انطلاقتها الأولى في بدايات ستينات القرن الماضي، ليمثل انقطاع الصافرة، مؤشرًا لانقطاع الحياة والحكايات التي تدور في مسافة تتجاوز الألف كيلومتر مربع، في مواطن كثيرة يمر بها القطار في رحلته إلى العاصمة السودانية الخرطوم. 

كان كل ذلك، على رأسه ذاكرة القطار المنقطعة، نذيرًا، بأن نيالا البحير خلف الجبيل، لن تعود كما كانت، لتدخل في دورة حرب مدمرة في الفترة من أبريل إلى أكتوبر 2023 لتفرض قوات الدعم السريع سيطرتها عليها بعد استيلائها على قيادة الجيش في المدينة.

منذها حاولت قوات الدعم السريع إدارة المدينة الاستراتيجية بما في ذلك إنشاء إدارة مدينة لتطبيع الحياة فيها، لكن لغة السلاح والفوضى كانت أكثر قوة لتنزلق في أتون عالم فوضوي شيدته العصابات المسلحة والسيولة الأمنية على عجل، ما حول المدينة والتي تعد من أكبر مدن البلاد، إلى منطقة غير تلك التي عرفها أهلها على مدى عقود من الزمن. 

لتصبح خريطة الحياة فيها تتمثل في نهب المواطنين في الطرقات والأسواق وسط أحياء مهجورة وسلاح في كل مكان، وبخلاف ذلك تشهد نيالا مشاكل معقدة في القطاعات الخدمية على رأسها القطاع الصحي. كما تعاني المدينة من ضربات سلاح الجو التابع للجيش السوداني.

 

«الوضع الصحي في نيالا قاس.. ارتفعت رسوم الخدمات الصحية المقدمة، مثل عمليات الولادة والعمليات القيصرية والتي وصلت من 350 ألف جنيه سوداني إلى 600 ألف جنيه سوداني»، يقول مصدر من نيالا لـ«بيم ريبورتس».

ويضيف «أما مقابلة الطبيب تكلف 15 ألف جنيه في المستشفيات الخاصة، بينما تكلف 5 آلاف جنيه في المستشفى التعليمي». 

ويشير إلى أن كل المستشفيات العاملة في هي مستشفيات خاصة، موضحًا أن المستشفى الوحيد الذي يعمل بصورة عمومية هو مستشفى نيالا العام، والذي بدأ عمله قبل سنة، عبر رعاية منظمة أطباء بلا حدود، بالإضافة إلى تسيير عمل المرافق الصحية من خلال الرسوم المحصلة من الخدمات.

معيشيًا، يقول المصدر أن الوضع المعيشي في المدينة يشهد استقرارًا وصفه بـ النسبي  في أسعار السلع الأساسية، بعد ارتفاعها بشكلٍ كبير في فترة الخريف الماضي نسبة لصعوبة الحركة وتدفق السلع والبضائع. لكن من جانب آخر، أشار أحد مواطني نيالا، إلى أن السلع شهدت ارتفاعًا خلال الأيام القليلة السابقة لشهر رمضان.

 بيانات تُوضح آخر تحديثات أسعار السلع:

 

البند

السعر بالجنيه السوداني

جوال السكر زنة 50 كيلو

175 ألف

ملوة البصل

4 ألف

ملوة التبلدي

10 ألف

كيلو العدس

6 ألف

كيلو لحم البقر

7.5 ألف

كيلو لحم الضأن

11 ألف

كيلو لبن البدرة

15 ألف

جوال الفحم

12 ألف

برميل المياه

3 ألف

 

أوضاع مأساوية في مخيم كلمة 

تشهد مخيمات النازحين في ولاية جنوب دارفور وعلى رأسها مخيم كلمة شرقس مدينة نيالا أوضاعًا إنسانية كارثية، حيث يواجه النازحون خطر الموت جوعًا بسبب نقص حاد في الغذاء وانهيار سبل العيش.

 وأدت الحرب المستمرة إلى توقف توزيع حصص الغذاء التي كان يقدمها برنامج الأغذية العالمي، كما توقفت مهن القطاع غير الرسمي التي كانت تشكل مصدر دخل أساسي للنازحين لتغطية احتياجاتهم اليومية. 

 ويُعتبر مخيم “كلمة” من أكبر مخيمات النزوح في المنطقة، حيث تزايدت أعداد النازحين بشكل كبير منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023. ومع سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة نيالا في أكتوبر 2023، أصبحت المدينة والمخيمات المحيطة بها تعاني من عزلة شبه كاملة، مما حال دون وصول المساعدات الإنسانية الضرورية.

الوضع خارج العاصمة نيالا 

يقول الصحفي مصعب محمد، إن الأوضاع المعيشية في نيالا أفضل من الأوضاع الأمنية والصحية بكثير. لكن الوضع خارج نيالا وفي أريافها ومخيمات النزوح يبدو أكثر صعوبة وقسوة، فمع التوغل من مدينة نيالا شمالاً، يختلف الوضع بالكامل في محلية ميرشنج وقراها التي تشكلت إثر موجات النزوح الكبيرة إبان الحرب في دارفور في العام 2003.

وتعاني المنطقة من تدهورٍ حاد في القطاع الصحي من قبل الحرب الجارية، ليزيد الوضع من صعوبة الحال ويضاعف ما تعيشه المنطقة. ومع استمرار النزاع المسلح وتفاقم الأوضاع الاقتصادية، أصبحت الظروف الصحية أكثر صعوبة، مما ينذر بكارثة صحية وبيئية قد تهدد حياة المئات من المواطنين.

وتسببت الحرب في انقطاع الإمداد الدوائي عن المنطقة، مما ترك معظم الصيدليات والمرافق الصحية فارغة، بدون أدوية أو مستلزمات طبية. حتى القليل المتبقي من الأدوية المتوفرة أصبح باهظ الثمن، بحيث لم يعد في إمكان معظم سكان المنطقة شراؤه. 

 وقال مواطن تحدث لـ”بيم ريبورتس” من محلية مرشنج إن ” الأزمة الصحية جاءت في وقت حرج، حيث تزامنت مع موسم الخريف، الذي يشهد انتشار الأمراض الطفيلية والمعدية مثل الملاريا والإسهالات المائية، مما عقد الوضع الصحي الهش في المنطقة”. 

وأثرت الحرب على قرى شمال ولاية جنوب دارفور بشكلٍ كبير، خاصةً فيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية والأمنية. فمع اعتماد القرى على الزراعة بشكلٍ أساسي، إلا أن الوضع الأمني حد بصورة كبيرة من حركة الناس في الأراضي الزراعية.

 ويوضح  المواطن أن الانتهاكات التي يتعرض لها مواطنو القرى تتفاوت من الضرب والنهب، إلى اغتصاب النساء، الأمر الذي جعل من المنطقة فضاء معزولًا، وأصبح الناس غير قادرين على ممارسة أنشطتهم الاقتصادية اليومية.

سيطرة الدعم السريع وتصاعد العنف

شهدت ولاية جنوب دارفور، وخاصة مدينة نيالا، تصاعدًا حادًا في العنف منذ أن سيطرت قوات الدعم السريع على المدينة في أكتوبر 2023، وذلك بعد انسحاب الجيش السوداني من  المدينة. 

وقد سبق ذلك اشتباكات عنيفة دارت بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أغسطس 2023، أسفرت عن مقتل 137 شخصًا، بينهم 54 طفلًا و47 امرأة، ونزوح آلاف الأهالي نحو محليات تلس، قريضة، ورهيد البردي، بالإضافة إلى ولاية شمال دارفور.

وفي ديسمبر 2023، عادت نيالا إلى صدارة الأحداث العسكرية بعد أن شن الطيران الحربي التابع للجيش السوداني غارات جوية مكثفة استهدفت مقر قيادة الفرقة 16 مشاة وعددًا من الأحياء الشرقية للمدينة. أدى القصف إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى بين المدنيين، وتدمير أجزاء كبيرة من البنية التحتية، مما تسبب في حالة من الهلع الجماعي وتهجير آلاف الأسر.

أما في المناطق الريفية شمال ولاية جنوب دارفور، فقد أثرت الحرب بشكل كبير على الحياة اليومية للسكان الذين يعتمدون بشكل أساسي على الزراعة. إلا أن تدهور الأوضاع الأمنية حد من حركة المواطنين في الأراضي الزراعية، وتعرض الكثيرون لانتهاكات خطيرة تتراوح بين الضرب والنهب وصولًا إلى الاغتصاب، مما جعل المنطقة معزولة وغير قادرة على ممارسة أنشطتها الاقتصادية المعتادة.

هذه التطورات جعلت جنوب دارفور واحدة من أكثر المناطق تأثرًا بالصراع الدائر، حيث يعاني السكان من ويلات الحرب التي طالت كل جوانب حياتهم، بدءًا من انهيار الخدمات الصحية والتعليمية، وصولًا إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية، مما يضع المنطقة على حافة كارثة إنسانية كبرى.

آمال بالعودة من عالم محطم تغمر أهالي «السريحة وأزرق» بشمال الجزيرة

ملاذ حسن

ملاذ حسن

8 فبراير 2025 – يأمل آلاف النازحين من قريتي السريحة وأزرق الموجودين بمنطقة التكينة التابعة لمحلية الكاملين شمال ولاية الجزيرة وسط السودان، في العودة إلى مناطقهم قريبًا، على أمل فتح صفحة جديدة في حياة آمنة، ونسيان مآسي أكتوبر الماضي، حين هاجمتهم قوات الدعم السريع، وقتلت وجرحت المئات منهم.

ولد أمل العودة لهؤلاء الفارين، بعد سيطرة الجيش على الكاملين، حيث اتخذوا منطقة التكينة ملاذًا لهم، رغم أنهم، بالإضافة إلى سكان التكينة، اضطروا في مرات عديدة للتصدي لهجمات الدعم السريع، بأنفسهم، حيث فقد أهالي التكينة حوالي 60 شخصًا منهم في هذه المواجهات، حسبما قال مصدر من المنطقة لـ«بيم ريبورتس».

فيما قال مصدر من قرية أزرق لـ«بيم ريبورتس» إن المنطقة تعرضت لدمار كامل وجفت كل أراضيها الزراعية.

وأشار إلى أن الزراعة توقفت منذ نهاية عام 2023، بينما تم تخريب كل مولدات الكهرباء وألواح الطاقة الشمسية وبيارات المياه وطواحين الدقيق، كما تم تخريب البنى التحتية بالكامل حيث أحُرِقت المساجد وانهارت غالبية المنازل بسبب انغمار مياه قنوات الري المحيطة بالمنطقة.

ونبه إلى أن الجيش والمستنفرين من المنطقة، وجهوا المواطنين بعدم الرجوع إلى السريحة وأزرق، رغم خلوها من الدعم السريع حاليًا، مشيرًا إلى أن سبب ذلك حتى يتمكنوا من بدء عمليات الصيانة وترميم المنازل والمنطقة، ومن ثم بعدها يبدأ تحرك المواطنين الموجودين في القرى القريبة على المنطقة بعد صيانة الكهرباء.

ونوه إلى أن قائد الدعم السريع في المنطقة (عمر شارون) كان يطلب من المواطنين مبلغ ملياري جنيه سوداني لتشغيل الكهرباء.

هجمات دامية على أزرق والسريحة


في 20 أكتوبر 2024 بدأت الدعم السريع في شن حملات عنف واسعة على سكان قرى شرق وشمال الجزيرة، بعد انشقاق قائدها السابق، أبوعاقلة كيكل، وانضمامه إلى الجيش السوداني.

وتسببت حملات الدعم السريع في مقتل وإصابة المئات وفرار الآلاف، من قريتي أزرق والسريحة، فيما واجه أهالي التكينة وعدد من القرى هذه الهجمات بالقتال، بما في ذلك أهالي قريتي السريحة وأزرق، حسبما قال مصدر من المنطقة لـ«بيم ريبورتس».

وقال المصدر إن سكان قريتي السريحة وأزرق نصبوا ارتكازات لحماية المنطقة، خاصة جهات قرية أزرق، مما دفع الدعم السريع للتراجع ثلاث مرات من قرية أزرق وشن هجوم رابع على السريحة باتجاه مغاير لاتجاه أزرق.

وأوضح المصدر أن أول هجوم تعرضت له قريتا السريحة وأزرق كان في شهر فبراير 2024 واستمر ليومين وسقط خلاله 11 قتيلًا من أزرق في اليوم الأول، و12 قتيلًا من القريتين في اليوم الثاني، 7 من أزرق و5 من السريحة.

ولفت إلى أن قوة الدعم السريع التي هاجمت المنطقتين لم تتمكن من الدخول لهما بالعربات القتلية والدراجات النارية، قبل أن يشير إلى دخول أفراد مشاة منهم وتمكنهم من قتل مواطنين أثناء دفاعهم عن المنطقة، وأكد مقتل أفراد الدعم السريع الذين تسللوا إلى القرية في هذا الهجوم، وتراجع الباقين.

وأضاف «المواجهة الثانية كانت في شهر مايو 2024 خارج القريتين وسقط فيها 6 مواطنين».

إخلاء القريتين بعد هجوم واسع من الدعم السريع

وذكر أن أقسى هجمات تعرضت لها أزرق والسريحة وبعدها انسحب المواطنون من المنطقة، كانت في 19 أكتوبر بأزرق و21 أكتوبر في السريحة وقتل فيها أعداد كبيرة من المدافعين عن المنطقة ـ لم يتمكن من إحصائهم ـ بعد إسناد قوة من الدعم السريع بمنطقة كاب الجداد لمقاتليها بالعتاد والأسلحة الثقيلة مما تسبب في تراجع المواطنين تجاه التكينة والقرى المجاورة.

وأشار المصدر إلى أن الهجوم الأخير للدعم السريع حمل أهالي قرية أزرق على حماية الأطفال والنساء حتى الخروج بسلام، فيما ذهب آخرون إلى قرية السريحة المجاورة، في محاولة لحمايتها.

ولفت المصدر إلى أنه بنهاية هجمات الدعم السريع على المنطقتين ودخول الدعم السريع إليها، وجدوا كافة أهالي القريتين خارجها حيث انسحبوا إلى قرية التكينة تاركين القرى لهم.

وتابع المصدر «في أزرق عند دخول الدعم السريع للمنطقة لم يجدوا بها غير رجل واحد وقد خرج من المنطقة لاحقًا». مضيفًا «من وقتها لم يتبق في القريتين سوى المتحالفين مع الدعم السريع».

وخلال الأسبوع الماضي سيطر الجيش السوداني، على قرى ومناطق شرقي الجزيرة (رفاعة، والهلالية، وود راوة، وتمبول)، بالإضافة إلى مدينتي الحصاحيصا- والكاملين شمالًا، فيما يخوض معارك مع الدعم السريع في البلدات المتاخمة للخرطوم.

وتأتي تحركات الجيش في قرى ومحليات الجزيرة المختلفة بعد استعادته عاصمة الولاية، مدينة ود مدني، بتاريخ 11 يناير الماضي وعدد من الأحياء والمواقع العسكرية شمال ووسط الخرطوم، بالإضافة إلى مدينة أم روابة في ولاية شمال كردفان.

التكينة ملاذ نازحي أزرق والسريحة

وقال أنور التكينة، وهو من مواطني المنطقة التي تبعد حوالي 70 كيلو مترًا من العاصمة السودانية الخرطوم، إن الجيش السوداني بسط سيطرته على التكينة بشكل كامل أمس الأربعاء.

وأضاف أن سكان أكثر من 20 قرية من المناطق المحيطة بالتكينة، قد نزحوا إليها، بينهم عشرات الآلاف من قريتي السريحة وأزرق بعد اجتياح الدعم السريع لها في أكتوبر الماضي.

وأوضح أن أهالي التكينة وفروا لهؤلاء النازحين السكن والإيواء والعلاج بالجهد الذاتي عبر تبرعات أبناء التكينة بالخارج.

وقال التكينة إن عدم عودة نازحي قرى السريحة وأزرق سببه نهب كل مدخراتهم بالكامل في القريتين، بالإضافة إلى الدمار الواسع، مؤكدًا على خلو القريتين بالكامل من الدعم السريع حاليًا.

وأشار إلى أن قوات الدعم السريع لم تتمكن من الدخول إلى التكينة إبان سيطرتها على المنطقة، لكنها ظلت تشن عليها هجمات متفرقة، تصدى لها الأهالي.

كما أكد مقتل 60 شخصًا من منطقته واصابة آخرين خلال المواجهات مع قوات الدعم السريع، كان آخرهم الأسبوع الماضي.

ونبه إلى أن المنطقة، طوال هذه الفترة، كانت تشهد مناوشات بين الدعم السريع وأهاليها، مضيفًا أن الحي الغربي تعرض للنهب والسرقة بالكامل.

وتمكن الجيش السوداني،الأربعاء، من السيطرة على عدد من القرى بمحلية الكاملين من قوات الدعم السريع التي اتجهت ناحية مناطق جنوبي العاصمة الخرطوم (جبل أولياء، والباقير، وسوبا).

«الدالي» أرض غنية ومنسية في جغرافيا شاسعة مزقتها سيطرة «الدعم السريع»

مجاهد حلالي - Freelancer

مجاهد حلالي - Freelancer

تمثل بداية شهر يونيو من كل عام إعلان قدوم موسم الأمطار في منطقة الدالي والمزموم، الواقعة جنوب ولاية سنار وتمتد حدودها مع ولاية النيل الأبيض والأزرق وتصل حتى جنوب السودان.

 والدالي هي أرض هادئة ومنسية، في جغرافيا السودان الشاسعة والمترامية الأطراف لم يعرف أهلها المتنوعون الحرب أو رائحة الموت من قبل، ويبقى جل همهم حرث أرضهم مع قدوم موسم الزراعة الجديد والأرض حبلى بالخير الوفير فهم يتبعون أغنامهم إلى الغابات وأماكن توفر الكلأ حتى يلين الضرع. كما أن الدالي تعد سودانًا مصغرًا، في ثرائها وتنوعها القبلي، إذ تحتضن جميع قوميات المجتمع السوداني.

وتعتبر الدالي والمزموم من أعلى المناطق إنتاجا في الزراعة المطرية، خاصة محاصيل الذرة والسمسم وعباد الشمس والصمغ العربي كما إنها تمتلك ثروة حيوانية كبيرة.

لكن نهاية يونيو 2024 كانت غير متوقعة بالنسبة لهم، حيث حملت لهم مفاجأة كبرى وجرح عميق ربما لن يندمل أبدا، وقد يحتاجون لعشرات المواسم وربما مئة حول حتى ينسى الناس ما حدث.

 في مساء يوم السبت التاسع والعشرون من يونيو 2024، حينما تناقلت الأخبار سقوط مدينة سنجة، عاصمة ولاية سنار، في يد قوات الدعم السريع. وكان أهل الدالي والمزموم من قبل أيام من هذا التاريخ يدب فيهم الخوف والرعب بسبب وجود عربات الدفع الرباعي التي تتبع لقوات الدعم السريع، والتي تحمل على متنها مدافع ثقيلة وآلات الموت والتشريد والاغتصاب والنزوح إلى المجهول، التي قد تدمر حياتهم، وهذا ما قد حدث بالفعل. 

محاولة استباق الفاجعة

مع سقوط مدينة سنجة في يد قوات الدعم السريع، شعر الناس بالهلع الحقيقي ولأول مره فكروا في ترك أرضهم وأغنامهم التي كانت بمثابة الأوكسجين بالنسبة لهم، وذلك مخافة أن تنتهك أعراضهم وينكل بأجسادهم، لذا لم يكن لهم خيار سوى الفرار من الموت. فاختار بعضهم النزوح لاتجاهات مختلفة، والبعض الآخر قرر أن يبقى في أرضه ويموت في طينها، ليبقى ملح دمه مهرًا لحب هذه البلدة التي منحته معنى للحياة، معلنًا حبه غير المشروط، وإن كان ثمنه دمه الحي.

ومع ذلك ستظل ذكرى ذلك اليوم المشؤوم ذاكرة مأساوية خالدة وسط النساء والأطفال وكبار السن، وواحدة من أصعب تجارب وحكايات الموت التي مرت على الآلاف من سكان تلك المناطق. لن ينسى الناس كيف حرموا من أرضهم وهربوا من الموت ورائحة الدماء.

نذر الفاجعة وهلع النزوح

في مساء التاسع والعشرين من شهر يونيو 2024، حسم الجميع أمرهم في بداية رحلة نزوح للمجهول، هربًا من آلة الموت التي قد تصلهم في أي لحظة، وازدادت الفجيعة مع سماع الناس دوي الأسلحة الثقيلة في وسط المدينة، أصوات لم يسمعوها طيلة حياتهم. ثم انقطع التيار الكهربائي وشبكة الاتصالات والإنترنت، ولم يكن يعرف الناس ماذا يحدث؛ هل اجتاحت الدعم السريع المدينة أم هذه اشتباكات. لم يمتلك أحد إجابهً، فقط تسمع صراخ الأطفال ونومهم تحت السرائر في “قطاطي” القش البسيطة أملاً أن تحميهم من سيل الموت الذي ينتظرهم، والذي أضحى أقرب إلى الحقيقة، خاصة بعد ازدياد شدة أصوات السلاح هنا وهناك.

 بدأت الطرق تمتلئ بالأسر في منتصف الليل، والسحاب الأسود غطى السماء مع برق خاطف وأبيض وأصوات الرعد معلنة عن بداية هطول الأمطار، والتي لم يكن هناك شيء يحمي الناس منها.

سار بعض الناس راجلين، واستقل البعض الآخر السيارات والوابورات، وكان محظوظاً من وجد (حمارًا) يمتطيه. خرج الناس بجلدهم حفاة وبلا أغراضهم واحتياجاتهم من ملابس أو غذاء، بعض الناس تركوا وجبة العشاء في النار، لم تكن لهم رفاهية الوقت الكافي حتى يسدوا رمقهم، ونسي الأطفال في هذا المساء كل شيء، ويبدو أنه من مدة طويلة لم يسمعوا فيها أحاجي عن الغابة والعصافير والمرفعين، وستكون هناك أيام طوال تنتظرهم.

صباح جديد برائحة الترقب والخراب

طالت المدينة، في صبيحة اليوم التالي، 30 يونيو حالات نهب واسعة. حُرقت جميع المؤسسات الحكومية؛ المحلية ومؤسسات الشرطة والنيابة العامة، ونهب السوق. كانت المدينة تدخل في حالة صمت مهيب لأول مرة في تاريخها الممتد؛ الطرق فارغة إلى من مشاهد بعض الناس الذين لم يستطيعوا مغادرة المدينة بسبب عدم توفر وسيلة للنزوح والهرب من الموت. وكان الخوف والترقب هو سيد المشهد، طال الخراب المستشفيات والمراكز الصحية، إذ نُهبت وكسّرِت ما تبقت من أجهزة المعامل، وحرقت الأدوية الطبية ونثرت في الطرقات. كان كل شئ يدل على رائحة الخراب والموت وفناء المدينة.

النزوح إلى المجهول

الرحلة إلى المجهول كانت هي عنوان الحكاية لآلاف النازحين هربًا من آلة الموت على أيادي جنود الدعم السريع، سلك الناس جميع الاتجاهات وزحفوا في الطرقات.

 سيل من الجماعات يركضون غربًا وجنوبًا وشرقًا، نساءً ورجالًا وأطفالًا وكبار سن يشقون الأرض التي خبرتهم وعرفتهم وارتوت بعرقهم. ولأول مرة يودعونها وتودعهم تاركين ورائهم حزن كبير مثل جبل الدالي الذي يسكن أرواحهم ولن ينسى أبدًا.

لم يجد الناس شئ يحميهم من المطر والبرد

امتدت الرحلة لأكثر من أسبوع في طرقٍ وعرةٍ وماطرة، ونهش الجوع والبرد أجساد الناس وأرواحهم التي تثقلها الحيرة والخوف من الغد المجهول. 

 وصل العديد من النازحين من الدالي إلى مناطق تقع في شرق محلية الجبلين، ولاية النيل الأبيض، تحديدًا إلى أم القرى “أم كويكا” سابقًا، وأبو ضلوع والمجابي وأبو الدخيره وحي الصفا وجوده، وبعضهم اتجه جنوبًا نحو القرى المجاورة؛ أبو عريف بوزي المزموم، لكن لم يحالفهم الحظ، إذ بعد سويعات فقط من مكوثهم طالتهم يد جنود الدعم السريع فلم يكن لهم خيار إلا أن يبحثوا جميعهم مع أهل تلك القرى التي استضافتهم عن أماكن جديدة لعلهم يجدون فيها الأمان.

مناورة بناء حياة جديدة

طفلة تجلب الحطب من أجل توفير الغذاء وأساسيات الحياة

وصل قرية أم القرى، في بداية الأسبوع الأول من النزوح، حوالي 950 أسرة، أي بما يعادل حوالي 5000 نسمة وفقًا للإحصاءات المبدئية للجنة داخل معسكر أم القرى.

 وقدّم المجتمع المستضيف في القرية مثالًا عظيمًا في التكافل والتضامن، وهو جزء من الإرث الثقافي للمجتمع السوداني.  فقدموا للناس الطعام واقتسموا معهم منازلهم ووجباتهم. لكن الحوجة كانت ضخمة للغاية، مما ترك فجوة كبرى وجعل المئات من الأسر تسكن في العراء تمامًا، حيث افترشوا الأرض والتحفوا السماء، مع هطول الأمطار ومواجهة لدغات الثعابين والعقارب وغيرها من الحشرات الضارة التي تسببت في انتشار الأمراض الجلدية.

صعوبة في تقديم الرعاية الصحية مع قلة الأدوية

ظهرت، بعد الأسبوع الأول، مشكلات صحية كبيرة نتيجة نقص الغذاء الحاد، وعدم توفر الإيواء المناسب، حيث انتشرت الإسهالات المائية والملاريا الحادة ونقص السوائل، ووصل الوضع إلى مستوى الكارثة الإنسانية، وظهرت الوفيات وسط الأطفال، وتوفت امرأة حامل في شهرها الأخير بسبب رحلة نزوح طويلة على الأرجل. ليشهد هذا العام، تحول الدالي إلى أرضٍ جدباء وبور، وكتب على مدينة كاملة النسيان، وعلى أهلها الموت والنزوح والمرض.

وسط نيران الحرب وجحيم المنافي.. انطلاق امتحانات الشهادة السودانية المؤجلة في جغرافيا منقسمة عسكريًا 

عمر الفاروق وملاذ حسن

عمر الفاروق وملاذ حسن

في يوم 22 ديسمبر الحالي استقل اللاجئ السودان (م.أ) حافلة ركاب من مدينة كيغالي عاصمة رواندا برفقة ابنته التي من المنتظر أن تجلس لامتحانات الشهادة الثانوية في المساق العلمي، متوجهًا إلى العاصمة الأوغندية، كمبالا، في رحلة استغرقت أكثر من 10 ساعات. 

على (م.أ) أن يبقى هناك في كمبالا حتى نهاية الامتحانات ودفع تكلفة إضافية قد لا تغطيها أعماله التجارية المحدودة في كيغالي، لكنه اختار أن يجد سكنًا قرب مركز الامتحانات لتقليل التكلفة إلى أقصى حد.

لم تكن ابنته ترتاد المدرسة، وإنما كانت تتلقى دروسها إلكترونيًا، وهذه عقبة أخرى، تواجه الآلاف من زملائها، بالإضافة إلى الظروف الاستثنائية التي يعيشها السودانيون الذين تغيرت بيئتهم في وقت وجيز.

كانت ابنة (م.أ) ضمن نحو 513 ألف طالبة وطالب في السودان يستعدون للجلوس لامتحانات الشهادة الثانوية في يونيو 2023، عندما تغير كل شيء في هذا البلد المترامي الأطراف والمثقل بالفقر والنزاعات، في صباح السبت 15 أبريل، في العاصمة الخرطوم ومناطق أخرى من البلاد، إذ حمل ذلك الصباح المشؤوم رسالة مضمخة بالدماء، ليس لأولئك الطلبة وحدهم، وإنما لنحو 50 مليون سوداني، مفادها أنه قد تم تأجيل وتحطيم الحياة مرةً أخرى، ريثما تنتهي دورة جديدة من الحرب. 

وهكذا تمزق الحاضر وبدأ المستقبل يتسرب من بين يدي مئات آلاف الطلبة الذين كانوا على موعد مع امتحانات الشهادة السودانية، ومع استمرار ضراوة الحرب، وتحطم أجهزة الدولة ومؤسساتها، لم يعد أحد، يفكر في مثل هكذا رفاهية، إذ أن الجميع كانوا يبحثون عن النجاة، نزوحًا ولجوءًا، وبقاء تحت نيران المحرقة لعل نيرانها تخبو، أو تنظفئ. 

هذا السياق الحربي، أعلن أنه لا امتحانات لطلبة الشهادة السودانية 2023 الذين تفرقوا وتشتتوا مع الحرب، لينتهي العام وسط لغة واحدة لغة الرصاص، قبل أن يأتي العام 2024 والذي على وشك النهاية، وهو يحمل معه خبر إقامة الامتحانات، والذي أصبح واقعًا، حيث من المنتظر أن يجلس غدًا السبت نحو 370 ألف طالبة وطالب لامتحانات الشهادة السودانية في الولايات الخاضعة لسلطة الحكومة السودانية، ممثلة في الجيش بالإضافة إلى مراكز خارجية في عدة دول، حسبما أكدت وزارة التربية والتعليم الاتحادية.

لن يقرع جرس الامتحانات في ثماني ولايات

لن يعرف كامل إقليم دارفور والذي تسيطر قوات الدعم السريع على معظمه امتحانات الشهادة السودانية لهذا العام، بالإضافة إلى أجزاء واسعة من ولايات كردفان الثلاث التي يتشارك فيها الجيش وقوات الدعم السريع، بالإضافة إلى الحركة الشعبية – شمال السيطرة عليها. كذلك لن يقرع جرس الامتحانات بالعاصمة ممثلة في مدينتي الخرطوم وبحري، بينما ستكون مدينة أم درمان ثالث مدنها والتي يسيطر الجيش على معظمها، مركزًا رئيسيًا للامتحانات. 

وكان قرار إقامة امتحانات الشهادة السودانية، لهذا العام، في ولايات الوسط، الشمال، الشرق والجنوب، واستثنائه ولايات دارفور أثار الجدل في البلاد، وحوّل العملية، إلى عملية سياسية بالغة التعقيد، يُسمع فيها مفردات التقسيم، ساحبة إليها لغة الحرب.

وفي ولاية جنوب كردفان تجلت رغبة الطلاب الكبيرة في الجلوس للامتحانات بخروجهم في مدينة الدلنج في تظاهرة عارمة مطالبين بجلوسهم للامتحانات بعد ورود أنباء عن عدم تمكن الحكومة من إيصال أوراق الامتحانات للمدينة.

صورة ارشيفية

وقالت لجنة المعلمين السودانيين (جسم نقابي) في بيان اليوم الجمعة إن ثماني ولايات حرمت بالكامل، وثلاث بصورة شبه كاملة، وثلاث بصورة جزئية، من جملة 18 ولاية في السودان من الامتحانات ومؤكدة أن 60 ٪ من الطلاب على الأقل سيحرمون من هذه الامتحانات.

واعتبرت في البيان أن -التخبط والعشوائية- في التجهيز للامتحانات تجلى في عدم ظهور أرقام جلوس لعدد كبير من الطلاب في محلية كرري بأم درمان، وإعلان عدم عقد الامتحانات في محلية النهود والدلنج وفي دولة تشاد في اللحظات الأخيرة.

 بينما كشفت عن محسوبية ومجاملة في اختيار كبار المراقبين لخارج السودان، وفي مراكز مصر والإمارات، مشيرةً إلى أنه يوجد بينهم من لم يعمل معلم ولو ليوم واحد.

وحملت ـ حكومة الأمر الواقع ـ كامل المسؤولية عن أي نتيجة تترتب على الإصرار على عقد الامتحانات بهذا الشكل، دون استصحاب شروط العدالة والشمول، والالتزام بإجراءات سلامة المعلمين والطلاب، لافتة إلى أن هذه الامتحانات خطر على الطلاب والمعلمين أثناء عقدها، وخطر على السودان بعد عقدها، وفق ما ذكر بيانها.

غياب الشهادة السودانية في 2023

وامتحانات الشهادة السودانية والتي بدأت منذ ما بعد الاستقلال غابت للمرة الأولى العام الماضي بشكل كامل، وتغيب هذا العام بشكل جزئي في مساحة سكانية كبيرة ممثلة في دارفور والخرطوم وأجزاء واسعة من الجزيرة وغيرها من المناطق. كما أنها تُجرى للمرة الأولى في توقيت مسائي وسط مخاوف أمنية من استهدافها.

والي الخرطوم السابق أيمن نمر يقرع جرس الامتحانات بمدرسة العبيدان بنات بمنطقة مايو جنوب الخرطوم - أرشيفية

بخصوص المخاوف الأمنية طالبت لجنة المعلمين السودانيين بوقف إطلاق نار طيلة فترة الامتحانات، لكن لم يوضح أي طرف موقفه من هذا الأمر. 

بدأت بوادر تحديات امتحانات الشهادة الثانوية من خلال أنباء عن تحقيقات واعتقالات مع الطلاب القادمين مبكرًا إلى مناطق سيطرة الجيش للاستعداد للامتحانات.

وفي نوفمبر الماضي استنكرت لجنة المعلمين السودانيين ما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي حول اعتقال الطالب عمر أحمد عبد الهادي الذي جاء إلى الولاية الشمالية للجلوس لامتحانات الشهادة الثانوية للدفعة المؤجلة 2023، إلا أنه تم توقيفه في الطريق ومن ثم الحكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات بحجة التعاون مع الدعم السريع.

وأشارت اللجنة إلى أن هذه الأفعال لن تقود إلا إلى تمزيق الوطن، بعد أن مزقت النسيج الاجتماعي، ونشرت خطاب الكراهية البغيض تحت مرأى ومسمع من يدعون أنهم حكومة البلد بحسب ماقالت.

ومع اقتراب موعد الامتحانات منعت الدعم السريع بدورها الطلاب من الذهاب إلى مناطق الجيش للجلوس للامتحان، فيما بقي مصير الطلاب معلقاً بجغرافيا وجودهم وعوامل أخرى مما تسبب في حرمان آلاف الطلاب من استكمال عملية تخرجهم من المرحلة الثانوية.

إجراءات لتأمين الامتحانات

من جهتها، أعلنت الحكومة السودانية إجراءات أمنية لتأمين سير الامتحانات، لكن الأمر يواجه بشكوك كبيرة في ظل حرب طاحنة ومخاوف جدية من أن يدفع الطلبة ثمن ذلك.

وفي وقت لم تعلن الدعم السريع موقفًا رسميًا بشأن السماح للطلاب المقيمين في مناطق سيطرتها بالذهاب إلى الامتحانات في مناطق سيطرة الحكومة والجيش،  أدلى بعض قادتها بتصريحات أبدوا فيها رفضًا مبطنًا.

حذر القائد بقوات الدعم السريع المك أبوشتال في تصريحات نشرت في الحساب الرسمي لقوات الدعم السريع على منصة تليجرام أولياء الأمور من إرسال أبنائهم إلى الولايات الخاضعة لسيطرة الحكومة، متحدثًا عن سيناريوهات تشمل الهجوم بالمسيرات والتجنيد الإجباري، وهي ضمن أمور أخرى رآها سببًا لعدم ذهاب الطلبة للامتحانات.

أجندة سياسية وانقسامية

وكانت قوات الدعم السريع قد اعتبرت في بيان لها بتاريخ 12 ديسمبر الحالي الحكومة في بورتسودان بأنها تمضي إلى استخدام التعليم أداة لتنفيذ أجندتها السياسية الانقسامية والحربية.

وقالت إن موقفها المعلن بانطلاق امتحانات الشهادة الثانوية في مناطق بعينها دون سائر ولايات السودان لأول مرة في تاريخ السودان، ما عدا حالة سياسة المناطق المقفولة التي أقامها المستعمر، يكشف حجم التآمر واللا مسؤولية وعدم الاكتراث لمستقبل مئات الآلاف من الطلاب السودانيين في مختلف مناطق السودان.

التربية: أكثر من 350 ألف طالب يمتحنون في 2300 مركز داخل وخارج السودن

وفي 21 ديسمبر الحالي، أكدت وزارة التربية والتعليم اكتمال كافة استعدادها لامتحانات الشهادة السودانية المؤجلة، وقالت إن عدد الطلاب الممتحنين بلغ 343644 طالبة وطالب، موزعين على 2300 مركز امتحانات داخل وخارج السودان، مشيرة إلى أن 120724 طالبة وطالبة وفدوا من ولايات غير آمنة. 

وقال وزير التربية والتعليم المفوض، أحمد خليفة عمر، إن كل أرقام الجلوس وصلت للمراكز ما عدا ولاية الخرطوم، متوقعًا وصولها بأقرب وقت، وعازيًا  التأخير لازدياد عدد الطلاب.

وزير التربية والتعليم المفوض، أحمد خليفة عمر

 وأضاف أن هناك عدد من أرقام الجلوس الاحتياطي ومركزين إضافيين في عطبرة والدامر للوافدين حتى الجمعة 27 ديسمبر، مؤكدًا أن الوزارة مستعدة لأي أرقام إضافية للولايات من 100 رقم إلى 200 ليتمكن كل طالب من الحصول على رقم جلوس.

نحو 50 ألف يجلسون للامتحانات خارج السودان

وأكد الوزير أن عدد الطلاب خارج السودان بلغ 46553 بينهم 27 ألف طالبة وطالب في جمهورية مصر، بعدد 59 مركزا  كليًا منها 27 مركزا في مصر.

 وأشار إلى أن الطلاب الذين سجلوا للامتحانات في 2023 بلغت نسبتهم 83%، بينما قال إن نسبة الطلاب الوافدين بلغت 35%، موضحًا أن نسبة الطلاب الذين سجلوا قبل الحرب كان عددهم 513 ألف. 

وأكد الوزير أن الوزارة تمتلك كل معلومات الممتحنين وولاياتهم ومدارسهم داخل وخارج السودان، موضحًا أن امتحانات الشهادة السودانية للعام 2024 ستعقد بعد ثلاثة أشهر، مشيرًا إلى أنه امتحان أصيل وليس بديلًا، لالتحاق كل الطلاب الذين لم يتمكنوا من الجلوس لامتحان ديسمبر، وذلك تحقيقاً للعدالة والمساواة. 

كما أكد الوزير أن طباعة امتحانات الشهادة السودانية تمت بداخل السودان بمدينة عطبرة بولاية نهر النيل وأن عملية الطباعة استغرقت 15 يومًا فقط، حيث تمت طباعتها بصورة دقيقة ووفق ترتيبات معينة.

وشدد الوزير على أن الامتحانات مؤمنة تأمينا كاملاً وأن عملية التأمين تبدأ من المراكز وحتى المؤتمر الصحفي لإعلان النتائج.

لجنة المعلمين: وزارة التربية حددت عدد الممتحنين (زورًا وتدليسًا)

لكن لجنة المعلمين السودانيين قدمت بيانات ورؤية مختلفة بالنسبة لانعقاد امتحانات الشهادة السودانية. 

وقالت اللجنة في بيان يوم 22 ديسمبر الحالي، إن وزارة التربية والتعليم أصمت أذنيها عن النداءات والرجاءات والنصائح المبذولة لقيام امتحانات الشهادة السودانية للدفعة 2023 من قبل أهل الشأن من الحادبين على التعليم والكثير من أولياء الأمور وأعطتها لمن لا يمت للتربية والتعليم بأي صلة، مصرة على جعل التعليم مدخلًا لتقسيم السودانيين، ورافدًا من روافد الحرب، في محاولة لشرعنة الحرب ونتائجها.

وأكد البيان أنه تم تحديد عدد الممتحنين (زورًا وتدليسًا)، حيث تم اعتماد الساعة الثانية والنصف ظهرًا موعدا للامتحانات، وأن عدد الممتحنين بلغ أكثر من 330 ألف طالب وطالبة.

شعار لجنة المعلمين السودانيين

وشددت لجنة المعلمين السودانيين، أنه بناءً على التقارير الواردة من الولايات، وإفادات مديري التعليم ببعض الولايات، فإنها تؤكد على عدم صحة هذا الرقم وعدم دقة النسبة التي تم ذكرها (83 ٪).

وأردفت «فالجميع يعلم أن العدد المرصود قبل الحرب بلغ ما يقارب 580 ألف طالب وطالبة». وتابعت «نؤكد أن العدد المسجل حتى الآن لم يتجاوز الـ200 ألف، على أحسن الفروض».

وأوضح البيان قائلًا إنه دون الخوض في تفاصيل هذا الأمر، فإننا نظل على موقفنا الداعم لاستمرار العملية التعليمية لأي عدد من الطلاب، وفي الوقت نفسه نرفض تصميم عملية تعليمية تقصي عددًا مقدرًا من السودانيين بواسطة الجهة المنوط بها توفير التعليم -كحق – لكل السودانيين.

وقالت إنه اتضح من خلال المؤتمر الصحفي تبني المفوض بأعمال وزارة التربية والتعليم الاتحادية السير في ذات النهج الذي يجعل من التعليم أداة للحرب.

وأضافت «كما يتضح عدم وجود تخطيط سليم منذ البداية، أرغمه ذلك على تغيير مواعيد جلسات الامتحان، بسبب تضارب الزمن المعتاد مع التقويم المدرسي في جمهورية مصر العربية».

 وأكدت «من المعلوم أن عطلة المدارس في جمهورية مصر العربية تبدأ منتصف يناير، وهذا يؤكد على ضعف التنسيق والترتيب، وأن هذه الشهادة ليس القصد منها العملية التعليمية، بل الهدف الأساسي منها سياسي بامتياز».

وختمت لجنة المعلمين السودانيين قائلة «نظل على موقفنا الداعم للطلاب الذين سيجلسون لهذا الامتحان.. كما سنظل ندافع عن حق الطلاب الذين لن يجلسوا لهذا الامتحان ونحمل حكومة الأمر الواقع كامل المسؤولية عن أي تقصير أو أي نتائج تترتب على هذا القرار وهذه الإجراءات غير المدروسة والمتعجلة».

السلطات التشادية تمنع آلاف الطلاب السودانيين من الجلوس للامتحانات في أراضيها

وفيما يتعلق بامتحان الطلاب السودانيين، في تشاد، قال الوزير إنه سبق وأن تم إعداد كل الترتيبات لذلك، إلا أنهم فوجئوا بقرار الرئيس التشادي محمد إدريس دبي، بمنع قيام الامتحانات للطلاب السودانيين، باعتبارهم نازحين، يجب أن يمتحنوا وفق مقرارات الدولة التي يقيمون بها.

وأردف الوزير أن هناك محاولات تقوم بها سفارة السودان، إلى جانب بعض المنظمات نأمل أن تتوصل إلى حلول.

وفي السياق نفسه، أبدى حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، أسفه على منع السلطات التشادية الطلاب السودانيين من الجلوس لامتحانات الشهادة السودانية.

وشدد قائلًا «يجب ان يكون التعليم ضمن أدوات ليست لها حدود، وليست هناك جريمة تقع علي الطلاب.. إنما هم ضحايا حروب وضحايا أعمال الدعم السريع. على حكومة تشاد مراجعة هذا الأمر».

قنصلية السودان بمدينة أبشي التشادية تعتذر للطلاب

الخارجية السودانية: تشاد منعت 6 آلاف طالب من الجلوس للامتحانات

ويوم الأربعاء أعربت الحكومة السودانية عن أسفها واستنكارها لرفض السلطات التشادية السماح بإقامة امتحانات الشهادة السودانية لأكثر من ستة آلاف طالب وطالبة من اللاجئين السودانيين من ولاية غرب دارفور وغيرها.  

وأكدت وزارة الخارجية  في بيان أنها بذلت كل الجهود الممكنة عبر التواصل المباشر مع وزارة الخارجية التشادية وعبر المفوضية السامية للاجئين لإقناع السلطات التشادية بإقامة الامتحانات، حتى لا يتضرر الطلاب اللاجئون بسبب التقديرات السياسية الخاطئة للسلطات التشادية، دون جدوى.

ووفقًا للبيان، يأتي هذا الموقف امتدادًا لنهج  السلطات التشادية العدائي من السودان. 

ورأى البيان أن حرمان الطلاب الأبرياء من حق التعليم وتهديد مستقبلهم يمثل خرقا واضحا لأحد مبادئ حقوق الإنسان الأساسية التي نص عليها القانون الدولي، وتنكرا للعلاقات التاريخية الوثيقة بين الشعبين الشقيقين، وسابقة السودان في إتاحة فرص التعليم لأبناء الشعب التشادي.

وتابع البيان «سيظل حرمان أبنائنا من الجلوس لامتحانات الشهاده السودانيه نقطة سوداء في سجل السلطات التشادية وسياستها العداونية  تجاه الشعب السوداني».

تنسيقية لجان المقاومة الفاشر تنتقد قرار إقامة الامتحانات

انتقدت تنسيقية لجان المقاومة الفاشر إصرار ما أسمتها حكومة بورتسودان على اقامة امتحانات الشهادة السودانية في موعدها المحدد، مع علمها بأن هناك ألف طالب وطالبة سيحرمون من حقهم للجلوس للامتحانات.

ورأت في بيان أن ذلك محاولة لإثبات أن الدولة قادرة على تسيير دولاب العمل وأن النزاع لم يؤثر على التعليم، بدون النظر إلي المخاطر والتحديات والظروف الاقتصادية المتردية المحيطة بنا.

وأضاف البيان “نحن نراها كمحاولة للتكسب السياسي فقط..  قضية التعليم يجب أن لا تسيس، ولا يجب أن يأخذ التعليم كواحدة من أدوات الحرب”.

وشدد البيان على رفض قيام امتحانات الشهادة السودانية في هذه الظروف الحرجة، بجانب استخدام قضية التعليم كاداة للانتصار دون النظر الي المخاطر.

وتابع البيان “ومن جانب آخر المليشيات تستخدم كل الطرق من أجل أن لا تقام الامتحانات في موعدها، وذلك بمنع الطلاب في مناطق سيطرتها من الوصول إلى مراكز الامتحانات.

التعليم والحرب ضدان

قال الناطق الرسمي لجنة المعلمين السودانيين في تصريح صحفي لـ«بيم ريبورتس»، إنه حسب ما يرشح، فإن هناك تأمين لامتحانات الشهادة الثانوية.

 غير أنه عاد وأشار إلى أن الحرب والتعليم ضدان، مؤكدًا أنه لا يمكن مواصلة التعليم في ظل الحرب وصوت البنادق والمشاكل التي تنتج عن الحرب.

المتحدث الرسمي باسم لجنة المعلمين السودانيين، سامي الباقر

وأضاف الباقر «لكن رغم ذلك نتمنى أن يتم عقد هذه الامتحانات في جو من الطمأنينة وأن يتحلى الطرفان بالأخلاق وأن يتركوا هؤلاء الطلاب ليكملوا امتحاناتهم»،  متمنياً ألا تكون هناك أي مزايدة في موضوع الامتحانات وألا يحاول أي طرف التكسب من هذه القضية سياسيًا سواء كان بإقرار الامتحانات أو منعها.

حزمة من الإجراءات لشمول العملية التعليمية

وذكر الباقر أنهم طالبوا بحزمة من الإجراءات لضمان شمول العملية التعليمية والإمتحانات من ضمنها وقف إطلاق النار وإعلان مراكز الامتحانات ومراكز تجميع الأوراق ومراكز التصحيح للمعلمين، بحيث تكون مناطق آمنة.

بالإضافة إلى فتح المسارات للطلاب للوصول لأقرب نقطة يتم الاتفاق عليها من ضمنها إيقاف إطلاق النار ضمن فترة الامتحانات والتصحيح.

 وتابع «لكن لم نجد استجابة لهذا الطلب للأسف من أي من الطرفين، وبالتالي نفتكر أن المقصود من الامتحانات ليس العملية التعليمية، بل الهدف منها هو إقرار نتائج الحرب وجعل التعليم أحد وسائل إقرار النتائج التي توصلت لها الحرب حتى الآن».

وشدد على أنه يجب أن يكون التعليم أحد الروافع التي تخفض صوت البنادق، وأن لا يتم اتخاذه لاقرار أي نتيجة من نتائج الحرب .

تعليم الطوارئ

واعتبر أن مصير الطلاب في الولايات التي لن تكون بها امتحانات سيظل كما هو عليه بأن عددا كبيرا منهم  لن يجلسوا للامتحان، مشيرًا إلى أن  حكومة الأمر الواقع تتجه إلى خط عقد الامتحانات بمن حضر، في وقت تحرم الدعم السريع في المناطق التي تسيطر عليها تحرم الطلاب من الوصول إلى مراكز الامتحانات.

وواصل «التعليم يجب أن يكون متاحًا لجميع السودانين نسبة لأن التعليم في الطوارئ معمول به في كل الدول التي تكون فيها حروب.لذلك مازلنا متمسكين برؤيتنا بشمولية وعدالة التعليم».

واعتبر الباقر أن حكومة الأمر الواقع في بورتسودان تحاول أن ترسل رسالة عبر العملية التعليمية أنها مسيطرة على أجزاء كبيرة من السودان وقادرة على تسيير العملية التعليمية.

أما قوات الدعم السريع من جانبها، بحسب الباقر، ترد بمحاولة تعطيل ما تقوم به حكومة الأمر الواقع. وما بين إصرارهما، يضيع عدد كبير جدًا من الطلاب والتلاميذ، وهو ما يجعلنا نطالب دائمًا بإبعاد التعليم عن الصراع وأن يكون حق لكل طالب في السودان ولا يكون مدخل لتقسيم السودان والسودانيين.

 

ورغم كل ماسبق تتوجه أعين وقلوب آلاف السودانيين في بقاع الأرض مع الطلاب الذين سيجلسون غدًا للإمتحانات الأهم لدي الشعب السوداني على مدار الأزمان، متحدين أي ظروف أمنية ولوجستية وأي نوايا ومهددات بتحطيم أحلامهم التعليمية غير آبهين بعبث الكبار في هذه الحرب بينما ستظل تحديات امتحانات الشهادة 2023 ضمن أبرز القصص التي سترويها الأجيال في أزمان أفضل من تاريخ السودان.

بوابات خزان جبل أولياء المغلقة ترد مياه النيل الأبيض جنوبًا في رحلة عكسية مدمرة

عمر الفاروق وملاذ حسن

عمر الفاروق وملاذ حسن

في شهرها العشرين، انتقلت الحرب في السودان، إلى مرحلة جديدة من الخطر. خطر الغرق ومحو المدن والبلدات على ضفاف النيل الأبيض بالفيضان جنوب العاصمة الخرطوم. إذ لم تكن الجزيرة أبا التي فر منها معظم سكانها في ظرف أربعة أيام، إلا مثالًا محدودًا لما يمكن أن يحدث في حال لم تتم معالجات عاجلة لمشكلة خزان جبل أولياء والذي تسبب في فيضان كبير لنهر النيل الأبيض.

إنه ليس موسم الفيضان التقليدي في السودان، وإنما هو موسم فيضان خزان جبل أولياء جنوب العاصمة السودانية الخرطوم بعد أكثر من عام على غياب مهندسيه وفنييه، وتحوله إلى مسرح عمليات عسكرية ساخنة بين الجيش وعدوه اللدود قوات الدعم السريع.

خزان جبل أولياء - Google Earth

تحذير أوغندي من ارتفاع مناسيب المياه في بحيرة فكتوريا

لكن لربما لا تكمن المشكلة في غلق بوابات الخزان لوحدها، إذ أصدرت أوغندا، المصدر الرئيس للنيل الأبيض، في 14 مايو الماضي تحذيرًا للمجتمعات التي تعيش على شواطئ البحيرات وضفاف الأنهار من زيادة حجم المياه في تلك المسطحات المائية، والتي قالت إنها وصلت إلى مستويات مثيرة للقلق.

وقال وزير المياه والبيئة الأوغندي، سام تشيبتوريس، آنذاك، إن منسوب المياه في بحيرة فيكتوريا ارتفع إلى أعلى مستوى له. حيث بلغ 13.66 متر، مقارنة بـ13.5 متر في عام 2020.

وأكد الوزير الأوغندي أن بحيرة فيكتوريا تتلقى المياه من 23 نهرًا في جميع أنحاء المنطقة، والتي تشهد حاليًا أمطار ظاهرة النينو.

وأشار إلى أنه بسبب ارتفاع منسوب المياه في البحيرة، اضطرت الحكومة إلى إطلاق المزيد من المياه في نهر النيل، الذي يغذي أحواض البحيرات الأخرى، مما قد يتسبب في حدوث فيضانات هناك.

بحيرة فكتوريا - Google Earth

عمر الخزان يقترب من يقترب من 90 عامًا

وعودة إلى خزان جبل أولياء هو سد حجري على نهر النيل الأبيض ويقع على بعد 44 كيلومترًا جنوب العاصمة الخرطوم وتم إنشاؤه في عام 1937 بواسطة الحكومة المصرية، وفق اتفاقية بقبول قيام خزان سنار، حتى تحفظ حقها في مياه النيل دون أي تدخل من حكومة الحكم الثنائي، أو الحكومات الوطنية بعد استقلال السودان.

Sudan. Jebel Awlia, to Malakal. Air view. Dam south of Khartoum, largest engineering project on the Nile

سُلّمَ الخزان إلى حكومة السودان في عام 1977 ليُستفاد منه في رفع منسوب المياه في المناطق أمام جسم السد وخلفه حتى يمكن ري مشاريع النيل الأبيض الزراعية في كل من مناطق: أبو قوتة، والفطيسة ، والهشابة ، وأم جر، والدويم، بواسطة الطلمبات.

إنه ليس موسم الفيضان التقليدي في السودان، وإنما هو موسم فيضان خزان جبل أولياء جنوب العاصمة السودانية الخرطوم بعد أكثر من عام على غياب مهندسيه وفنييه، وتحوله إلى مسرح عمليات عسكرية ساخنة بين الجيش وعدوه اللدود قوات الدعم السريع. 

رجوع إدارة الخزان لسلطة وزارة الري

المخاوف من انفلات الأمر أخرجت الدعوات للتعاون بين الأطراف المتقاتلة إلى العلن، من أجل وقف التدهور في خزان جبل أولياء بالسماح للمختصين في وزارة الري والموارد المائية تحت ضمانات قوية للعمل على إصلاح الخزان الحيوي وتحييد خطره المحدق بمجتمعات جنوب الخرطوم.

وقال وزير الري والموارد المائية السابق، عثمان التوم، لـ«بيم ريبورتس»، إن الحل العاجل للأزمة، هو رجوع إدارة الخزان لسلطة وزارة الرى حتى يقوم المهندسون بإصلاح الأعطال التي تسببت فيها الحرب والعمل عاجلًا على فتح بوابات السد قبل أن يرتفع منسوب البحيرة وتمر المياه فوق جسم السد.

وأضاف التوم أن السد والذي بناه المصريون قبل أكثر من تسعين عامًا لم يوفروا فيه بوابات مفيض لتندفع من خلاله المياه لما بعد الخزان، إذا ارتفعت المناسيب حفاظًا على سلامة السد، كما فعلوا في مفيض توشكي في جنوب مصر.

تمكين مهندسي الري بالوصول إلى الخزان

ودعت أحزاب سياسية وأجسام مدنية في بيانات السبت والإثنين إلى التحرك لإنقاذ الوضع وتفادي الضرر بينها حزب الأمة القومي والمؤتمر السوداني والتجمع الاتحادي.

وقال حزب الأمة القومي، السبت، إنه يتابع هذه المأساة بقلق بالغ، وطالب الطرفين المتقاتلين بضرورة تمكين مهندسي الري للوصول إلى منطقة الخزان لتمرير المياه لخفض منسوب النيل لإنقاذ المواطنين في قرى ولاية النيل الأبيض. 

كما ناشد المنظمات الدولية والمحلية وكافة الجهود الإنسانية بالاستجابة للكارثة الإنسانية وتوفير مواد الإيواء والغذاء والدواء للمواطنين المحاصرين بالمياه في الجزيرة أبا وما حولها لرفع المعاناة عنهم وتخفيف الضرر.

رئيس حزب المؤتمر السوداني، عمر الدقير، من جانبه، قال الإثنين إن تعرّض آلاف المواطنين في مناطق مختلفة من ولاية النيل الأبيض للفيضانات، جرّاء خروج خزان جبل أولياء عن الخدمة، أدى إلى تدمير العديد من المنازل والممتلكات العامة والخاصة، ولا يزال الوضع يهدد بمزيد من المعاناة.

وأكد الدقير، بحسب إفادات نقلها عن مهندسين خبراء في مجال السدود، أن خزان جبل أولياء عانى من إهمال جسيم وعدم انتظام في الصيانة في عهد النظام السابق واستمر هذا الإهمال خلال الفترة الانتقالية. فضلاً عن  الأضرار التي تسبب فيها القصف الجوي والاشتباكات المسلحة المتبادلة.

وأضاف «كما غادرت فرق تشغيل وصيانة الخزان موقعها عقب احتدام المعارك في المنطقة والتي انتهت بسيطرة قوات الدعم السريع عليها».

ودعا الدقير الجهات المعنية للتحرك الفوري واستنفار فريق فني مُتخصص لمعالجة الوضع وتفادي المزيد من الأضرار. 

وقال نأمل أن تسمح القوات المسلحة – في مناطق سيطرتها – بمرور الفريق الفني إلى الخزان، وأن تتيح قوات الدعم السريع وصوله لموقع الخزان لأداء مهمته، ويمكن أن يتم ذلك تحت إشراف الصليب الأحمر لضمان سلامة العملية.

وناشد الدقير المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية للتدخل العاجل وتقديم الدعم الفني والإغاثي. كما ندعو السودانيين في الداخل والخارج للتكاتف وإطلاق مبادرات شعبية لدعم أهلنا المتضررين بكل الوسائل الممكنة.

وأضاف الدقير أن استمرار الحرب في السودان لا يعني سوى التتابع المحموم للكوارث على شعبنا، والتهديد الوجودي لوطننا.

فتح بوابات الخزان فورًا

في السياق نفسه، دعا حزب المؤتمر السوداني، قوات الدعم السريع بالإسراع فورًا في فتح بوابات خزان جبل أولياء حيث مناطق سيطرتها، مشيرًا إلى ضرورة التنسيق مع حكومة بوتسودان والقوات المسلحة، وإن تطلبت العمليات الفنية توفير واستدعاء مختصين.

وقال الحزب في بيان، غُمِرَت العديد من مدن وقرى ولاية النيل الأبيض بمياه الفيضان من بينها كوستي والجزيرة أبا، حيث فاقم عدم فتح بوابات خزان جبل اولياء الوضع سوءًا ما جعل النيل الأبيض يتمدد أفقيًا مسببًا تلفًا لآلاف الأفدنة من المساحات المزروعة، أو انهيار لعدد كبير من المنازل، نجم عن ذلك حركة نزوح كبيرة وتهديد متزايد لآلاف الأسر والنساء والأطفال وكبار السن.

وشدد البيان، أن الأمر في غاية في الخطورة، لافتًا إلى أنه يمثل انعكاسًا حقيقيًا لحالة انهيار الدولة الكامل  وعدم تحمل طرفي الحرب تداعياتها مطلقًا.  كما نلفت انتباه المنظمات الاقليمية والدولية ذات الصلة بضرورة تيسير هذه العملية واغاثة أهلنا في مناطق فيضان النيل الأبيض.

وفي السياق نفسه، أعلن حزب التجمع الاتحادي عن تضامنه غير المحدود مع سكان ولاية النيل الأبيض في هذه الكارثة التي حلت بهم وقال إنه يعمل مع أبناء وبنات الولاية يدًا بيد من أجل تخفيف معاناة المتأثرين بالفيضانات.

وقال في بيان إن هذا الوضع يتطلب التنسيق بين القوات المتحاربة للسماح بوصول فرق الإغاثة والتطوع وتأمين عملها حتى تتمكن من أداء المهام المطلوبة منها على وجه السرعة لإنقاذ حياة الناس بالولاية وقراهم ومزارعهم.

وحث كل مكونات المجتمع المدني والأهلي بالولاية للتضافر والمساهمة في سبيل جبر الضرر وإغاثة المتضررين.

 أيضًا تقدمت مبادرة غرفة طوارئ الكوة بمناشدة عاجلة إلى السلطات السودانية والمنظمات الإنسانية والدولية للتدخل الفوري لإنقاذ المواطنين في مدينة الكوة وولاية النيل الأبيض، وقالت إنهم يواجهون كارثة إنسانية غير مسبوقة جراء الفيضانات المدمرة.

ولفتت في بيان إلى أن استمرار إغلاق بوابات خزان جبل أولياء يزيد من تفاقم الوضع، مما يعرض مدن وقرى النيل الأبيض جنوب الخزان لخسائر فادحة في الأرواح والممتلكات.

الدعم السريع تحمل الجيش المسؤولية

في المقابل، قالت قوات الدعم السريع التي تسيطر على الخزان منذ نوفمبر 2023، إنها تتابع بقلق تطورات الفيضان الناجم عن أعطال في بوابات خزان جبل الأولياء جراء الأضرار الكبيرة التي لحقت ببنية السد بعد الاستهداف المتكرر له.

وأكدت في بيان أن الخزان تعرض لأكثر من (70) غارة جوية منذ سيطرة قواتها على المنطقة العسكرية بجبل الأولياء جنوبي العاصمة الخرطوم، إضافة إلى القصف المدفعي المتواصل بقصد تدمير الخزان.

وحمّلت الدعم السريع  الحكومة السودانية في بورتسودان المسؤولية الكاملة إزاء تداعيات الفيضان على المناطق والقرى الواقعة جنوب الخزان.  

وأكدت أن تفاقم الأزمة الحالية يعود بشكل مباشر إلى استهداف الطاقم الفني العامل في الخزان من قبل الجيش وإجبارهم على مغادرة الموقع ما تسبب في مقتل نحو (9) من المهندسين والفنيين العاملين جراء عمليات القصف الممنهج، وفقًا لبيانها.

كما اتهمت من أسمتهم الفلول بكسر عدد من (الترع) في الجزيرة والنيل الأبيض، والتي انسابت جميعها إلى النيل الأبيض مما ضاعف من مناسيب النهر.

وذكرت الدعم السريع أن جهودها مستمرة لفتح بوابات الخزان، كما أعلنت استعدادها للتعاون مع أي جهات فنية متطوعة مستقلة للمساعدة في المعالجة.

كيف يخوض آلاف اللاجئين السودانيين معركة البقاء بمعسكر كرياندنقو في أوغندا؟

محمد النعسان - Freelancer

محمد النعسان - Freelancer

«وهنا في هذا المخيم، تواجهنا الكثير من التحديات والصعوبات، فمعوقات الحياة التي واجهتنا هنا تختلف تمامًا عن تلك التي تركناها خلفنا في السودان، وفي حين أن أغلب الناس الذين قدموا من السودان هم مهرة وذوو خبرة، إلا أنه لا توجد فرص عمل هنا».

هذا ما سرده أبو بكر محمد، حول الصعوبات التي تواجههم في معسكر كرياندنقو للاجئين غرب أوغندا، والذي وصل إليه، في 8 مايو 2024، من مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، نسبة للإضرابات الأمنية والمعارك العسكرية الضارية التي شهدتها المدينة.

لا يزال محمد يتذكر ذلك اليوم جيداً، يوم فراره من نيالا حيث كان مليئًا بالقصف العشوائي ومختلف أنواع القذائف. 

كانت رحلةٍ طويلة مليئة بالأهوال خاضها أبو بكر وعائلته، استهلوها إلى مدينة الضعين بشرق دارفور ومكثوا فيها ثلاثة أيام، قبل أن يعبروا الحدود البرية مع جنوب السودان، وهو ما لم يكن سهلاً مع تقييد الحركة والارتكازات العسكرية والأكثر مرارة كان التهديد بالاغتصاب والتنكيل.

“لكن الحمد لله، وصلنا إلى جنوب السودان سالمين، استرحنا في مدينة واو لثلاثة أيام وبعدها سافرنا إلى مدينة جوبا، وفي 20 سبتمبر وصلنا الأراضي الأوغندية، وأقمنا في نيومانزي لمدة ستة أشهر حتى تم نقلنا لمعسكر كرياندنقو” – يضيف أبو بكر.

معسكر كرياندنقو للاجئين

يقع المعسكر الواقع في مدينة بويالي في مقاطعة كرياندونقو غربي أوغندا، ويتكون من ثماني قطع سكنية (كلاسترات) يسكن السودانيون بشكل جماعي وبأعداد كبيرة في كل من كلاستر GوLوC وتقدر أعداد اللاجئين السودانيين بدولة أوغندا بحسب آخر إحصائية للـ UN بـ50  ألف لاجئ ولاجئة، كما يقوم بعضهم باستئجار بيوت مكونة من غرف إما داخل بيوت اللاجئين من الجنسيات الأخرى مثل الإثيوبيين والجنوب سودانيين، أو من المواطنين اليوغنديين وأيضا السودانيين من أصحاب الاستثمار في السكن.

صورة لبعض الأسر اللاجئة في المعسكر خلال فعالية مسائية

تقع أجزاء من هذه القطع السكنية قرب بعضها البعض، والأخرى تبعد من كلاستر G (السكن المركزي للسودانيين/يات) قرابة الساعتين مشيًا على الأقدام، ويشكو الناس من بعد المسافات وغلاء أسعار المواصلات (البودا)-وهي عبارة عن دراجة نارية- وسيلة النقل الوحيدة في المنطقة؛ خصوصا مع الندرة الشديدة في الأعمال والوظائف مما سبب بطالة واسعة لم يعتادوا عليها، بوصفهم الغالب عليه انحدارهم من المدن السودانية، علاوةً على صعوبة اللحظة التأسيسية لمجتمع جديد يضم العشرات بل المئات من الأسر، تجدهم في حركة دؤوبة لا تنقطع إلا في بعض لحظات السمر في محلات القهاوي، أو محاولة أخذ قيلولة بصعوبة ربما تحت شجرة ما أو أي مكان مفتوح وظليل.

ومع سخونة الجو وحرارة الخيام المصروفة بواسطة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، فإن معاناة مرضى الصدرية تصبح مضاعفة بسبب سخونة وحرارة الخيم، أيضا يشكون من عدم وملاءمتها للطبيعة من حولهم سواء في ساعات النهار أو الليل بسبب الرطوبة العالية وأيضا البرودة الشديدة، ما يضاعف من معاناتهم وفي بعض الأحيان قد يسبب خطورة مباشرة في وقت العواصف الرعدية، وذلك لكون المفوضية تعطي الأفراد والأسر بعض مواد البناء التي لا تصلح لتشييد سكنى ثابتة تقي من الحر والبرد والمطر في أراضي مفتوحة على شسوع المكان وقساوة بيئته.

جهود جماعية واجتماعية

«وصلنا كلاستر G ليلا وبعد اكرامنا وتجهيز مكان للمبيت»، تفضل عثمان بالحكي، وهو من قيادات مجتمع اللاجئين الشباب، وكان واضحًا من حديثه المسؤولية واستشعار الصعوبات الكبيرة التي يواجهونها، بما فيها العمل في تنسيق وقيادة مجتمع جديد في وضع إنساني استثنائي وقد يكون جديد كليا للكثير من السودانيين والسودانيات في المعسكر.

 اعتذر عثمان عن مواصلة الحديث معللا ذلك بالإرهاق وأيضا نيته بالصحو باكرًا لاستكمال ما انقطع من عمله مع زملائه في مكتب القيادات، ورفاقه في السكن والهموم المشتركة، برغم ذلك، شرع مباشرة في ترتيب الوصول للناس في بيوتهم، مظهرًا همة عالية في الاستجابة السريعة لأي استفسار أو مشورة للتعريف بأوضاع الناس ومعيشتهم هناك، وعن كيف يكافحون من أجل تحسين الأحوال وحل مشكلات اليومي والمعتاد.

في صباح اليوم التالي، صحونا على صوت (توكتوك) اكتشفنا لاحقا، أن صاحبه يستأجره لنقل الكراسي وغيرها مما يحتاجه الشابات والشبان في مركز الشباب في كلاستر G، وقد فكروا في بناء مكان يقيمون فيه أنشطتهم الثقافية والاجتماعية، حيث تتكفل أمكنة القهوة بقعدات الونس وتبادل الحديث سواء في الصباح أو منتصف النهار أو نهاية اليوم ليلا.

الصورة لثلاثة من قيادات مجتمع اللاجئين السودانيين، من مقرهم (أتحاد الشباب) الواقع في كلاستر G

صعوبات ومحاولات مستمرة​

التقينا مع العم أبو بكر محمد في بيته بالمعسكر، وجدناه منهمكًا في زراعته المنزلية وعلى يده تراب الزرع، وعندما سألناه عن الحياة في المعسكر، وافق على الإجابة عن الأسئلة بحماس تحت شمس صباح منعشة وحارة، وبعدها دلفنا إلى الحديث معه، فأخبرنا عن اختلاف التحديات والصعوبات، والتباين الكبير في الثقافات والعادات والتقاليد، الأديان والحريات المفتوحة عما ألفه في مدينته بالسودان.

أما بالنسبة للشباب، يشرح أبو بكر «كانوا يأملون أن يعيشوا في بيئة تليق بهم، بيئة أفضل من السودان فوجدوا بيئة لا تلبي تطلعاتهم، ومنهم من قرر الرجوع إلى السودان ومنهم من قرر الذهاب إلى ليبيا، والآن الشباب يعانون معاناة شديدة جدا لعدم توفر الأعمال».

ذعر في المعسكر

وفي الشهور الماضية، شهد المعسكر حالة من الذعر الذي استشرى وسط اللاجئين السودانيين، وذلك على خلفية انتشار معلومات حول أشكال من الطقوس الاجتماعية التي تمارسها المجتمعات المستضيفة حول المعسكر.

وتداول الناس أن هذه الطقوس تشمل الكجور وقتل وخطف الأطفال، وبمجرد انتشار هذه المعلومات غير معلومة المصدر، حدث اضطراب شديد خاصة وسط الأطفال في المدارس.

ويصف أبو بكر الأمر «حصل هلع شديد وسط الطلبة مما أدى لإغلاق المدارس، وتم صرف الطلاب لمنازلهم، ونحن كآباء لم نجد طفل مقتول أو مذبوح، فقط نسمع الإشاعات والإشاعة كانت قوية ومؤثرة بالنسبة للسودانيين».

خاتمة

تبين التحديات اليومية التي يواجهها اللاجئون/اللاجئات في معسكر كرياندنقو، من بين ماتبين (لحظة الصفر) في تكون مجتمع جديد في وضع إستثنائي لو جاز التعبير، بمعنى البداية الجديدة في سياق مختلف وجديد كلياً بالنسبة إليهم، نقرأ في وجوه الناس هناك وفي حركتهم الدؤوبة والنشيطة أدبيات جديدة في المقاومة والكفاح والصمود لمواصلة الحياة، تعمل النساء من داخل مطابخهن في القطع السكنية الخاصة بهن أو في المطابخ العامة التي تم إنشاؤها لمجابهة الجوع، تجدهن يفكرن في ملماتهن في تحسين شروط الحياة القاسية بشكل جماعي، أيضا فكرة الانتظام في أجسام منفصلة تخصهنْ يقمن فيها بحصر أعداد النساء والأطفال والتصدي لمطالبهنْ وقضاياهن نيابة عن أنفسهن، تحكي قصص الناس هناك نموذج للأمل والتكافل والتعاون يستلهم مستقبل أفضل على الأقل للأجيال القادمة، تلك التي ولدت أو شبت في سياقات اللجوء بعد النجاة من أهوال الحرب.

وفاة  «200» شخص في شمبات بالأوبئة والحميات خلال «3» أشهر والميادين تتحول إلى مدافن

ملاذ حسن

ملاذ حسن

في الأشهر الثلاثة الماضية فقط، توفي حوالي 200 شخص جراء انتشار أمراض وبائية وحميات في منطقة شمبات العريقة بمدينة بحري شمالي العاصمة السودانية الخرطوم، كما تحولت ميادينها إلى مدافن، بعدما كانت ساحة للثقافة والرياضة. وتشتد أهوال سكان شمبات الواقعة تحت سيطرة قوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب بانعدام المياه الصالحة للاستخدام الآدمي، وكذلك الدواء والأطباء والأمن، حيث تبدو أقرب للموت منها للحياة.

وقال مصدر من مواطني شمبات لـ«بيم ريبورتس» إن العشرات من السكان توفوا بسبب انتشار حالات أوبئة، لم يتم تحديدها بعد، في منطقة لا يوجد بها معامل طبية وأصبح أطباؤها، هم المسعفون، موضحًا أن أبرز أعراض تلك الأوبئة المتفشية هي الإسهال والاستفراغ. فضلًا عن أعراض أخرى في المعدة، مضيفًا “أكثر الحالات في مربع 2 ومربع 4.

كما أن أكثر مناطق شمبات التي ترزح تحت معاناة الأوبئة والأمراض هي شمبات الأراضي وتحديدًا مربعات: (2 ، 4 ،15،14) وفي شمبات الحلة، يوضح المصدر.

قبل تفشي الوباء الشهر الماضي كانت شمبات تعاني من انتشار الحميات مثل حمى الضنك، لتنتشر ترافقَا مع الوباء، الإسهالات والاستفراغات الحادة بصورة كبيرة بدءًا من منتصف سبتمبر الماضي ولاحقًا انحصرت في مربعي 4 و 2 بشمبات الأراضي.

وأكد المصدر أن هناك فترة قبل بداية الحصول على علاجات للوباء كان يتوفى فيها حوالي 10-14 فرد في اليوم الواحد من شمبات بينهم 4 أفراد من أسرة واحدة، مؤكدًا أن الوفيات مازالت مستمرة والأعراض متفشية.

وأوضح أن الإصابات ظهرت بشكل أقل في مربع 5 إذ يوجد به ما بين 7-5 حالات فقط من ضمنها حالتي وفاة.

وكشف عن أن غالبية المواطنين الذين توفوا بسبب الوباء، لم يتمكنوا من احتماله ليوم واحد، وقال “الفيروس يأخذ حوالي 24 ساعة، إذا تمكن المريض من تجاوز هذه الفترة يمكن أن ينجو”.

وتوقع المصدر أن يكون سبب المرض هو وجود تلوث في بئر مياه جديدة حفرها المواطنون لاستخدامها للشرب والأطعمة، وذلك بعد انعدام مصادر المياه.

وأكد إلى أن متطوعين ذوي خبره في الإسعافات الأولية أجروا جولة في شمبات ووجدوا أن معظم المصابين بالأعراض شربوا من البئر.

وأضاف “بعض التقارير تحدثت عن أن سبّب الوباء هو الجثث الموجودة في النهر، أو تلوث الجو من الرصاص والبارود، وبعضها ذكر أن المرض عبارة عن  بكتريا أو فايروس، وليس كوليرا”.

وفاة 200 شخصًا في شمبات خلال ثلاثة أشهر

أكد المصدر وفاة  200 شخص في شمبات خلال الأشهر الثلاثة الماضية، بينهم من قتلته الحميات وآخرون بسبب الوباء، موضحًا أن غالبية المتوفين هم فوق الأربعين عامًا، لافتًا إلى قلة الإصابات وسط الأطفال، وقال “حتى المصابون القلائل من الأطفال تمكنوا من النجاة”.

وأشار إلى أن المقابر امتلأت ما اضطرهم إلى دفن الموتى في الميادين، وقال “أي ميدان به 20-30 قبر”، بينها استاد شمبات الأراضي مربع 2 وميدان جنوب مسرح خضر بشير، وميدان السلام مربع 3 ، وأخرى  بالقرب من شارع الموية مع شارع جنوب تقاطع سوبر ماركت المائدة، منوهًا إلى أن هذه المدافن الجديدة بشمبات الأراضي فقط، مشيرًا إلى وجود أخرى في شمبات الحلة.

أدوية منتهية الصلاحية

فيما يتعلق بوضع المرافق الطبية، قال المصدر إن هناك مستشفيين فقط يعملان في المنطقة. الأول هو مستشفى حاج الصافي، لافتاً إلى أنه خال من الأطباء والمتخصصين حيث يتم معالجة المرضى بواسطة 4 مسعفين فقط يقومون باستقبال أصحاب الأمراض المزمنة والمصابين بالإسهالات والاستفراغ، لافتاً إلى أنهم ليسوا أطباء بل متطوعين درسوا دورات إسعافية. أما المستشفى الثاني، هو مركز النيمة الصحي، وهو المركز الوحيد الذي يعمل في شمبات، مشيرًا إلى وجود كوادر طبية به.

والوسيلة الوحيدة لنقل المرضى في المنطقة، بحسب المصدر هي عربات الكارو أو عبر الدرداقات. وقال إن شمبات خالية من منافذ بيع الأدوية، كاشفًا عن أنه يتم استجلاب الدواء من منطقة شرق النيل، الواقعة تحت سيطرة قوات الدعم السريع أيضًا عبر متطوعين من غرف الطوارئ ومتبرعين.

وأوضح أن الذهاب إلى شرق النيل يكلف بين 100- 150 ألف جنيه سوداني كرسوم تدفع قسريًا لقوات الدعم السريع مقابل نقلهم بعربة إلى منافذ توزيع الدواء بصيدليات شرق النيل، ومن ثم توزيع العلاجات وسط المواطنين، لافتاً إلى أن الأولوية لعقاقير الحالات المستعجلة من دربات وأدوية استفراغ وإسهال.

وتابع “في الشهر الماضي تمكن المتطوعون من توفير جزء كبير من الأدوية وتوزيعها على دفعتين من خلال التبرعات التي وصلتهم، لكن الاستهلاك كان كبيرًا خاصة المحاليل الوريدية وعلاجات الاستفراغ”، وأردف “ومع ذلك، مازال النقص في الأدوية مستمر خاصة دربات الملح والجلكوز في ظل كثرة الحالات”.

هذه الأوضاع الصحية أجبرت غالبية المرضى لتناول أدوية منتهية الصلاحية، مثل أدوية الملاريا والضغط والسكري، مشيرًا إلى أنهم يعتبرونها أفضل من العدم وفق ما ذكر.

محاليل وريدية وأدوية

أمنيًا، قال المصدر إن تفلتات قوات الدعم السريع في المنطقة ما تزال مستمرة متمثلة في النهب والسرقة واقتحام المنازل وترهيب المدنيين، موضحًا أنهم لا يتعرضون للمرضى والمُسعفين، لكنهم يعطون أفرادهم الأولوية في العلاج.

المياه قد تعرضك للموت مرتين، مرة مسمومًا، إذا تم جلبها من بئر يُعتقد أنها مسمومة حيث يقوم المواطنون بغلي المياه على أمل أن تصبح صالحة للاستخدام ومرة أخرى قد تُقتل قنصًا، أو تتعرض للضرب في أحسن الفروض إذا كانت الفكرة جلب المياه من نهر النيل، يوضح المصدر.

توقف عدد من التكايا

قال المصدر إن مواطني شمبات يعتمدون في غذائهم اعتمادًا كليًا على التكايا، مشيرًا إلى توقف حوالي 4 تكايا من تقديم الطعام بسبب نقص المواد التموينية، مضيفًا أن المربعات التي ما تزال التكايا فيها تعمل، هي مربعات: 5 و2 و4 و14 و15 بشمبات الأراضي. أما شمبات الحلة توجد بها تكايا في حي الشلعاب والحضراب وعلى جهة الشيخ البشير، لافتًا إلى أن أقل تكية توفر كمية تترواح ما بين 150 -200  إناء في الوجبة الواحدة.

مواطنين في انتظار الطعام بإحدى التكايا

 

سوق العرب هو السوق الوحيد الذي يوفر بعض السلع في شمبات، لافتًا إلى غلاء الأسعار به حيث يبلغ سعر كيلو السكر 8 آلاف جنيه وكيلو العدس والأرز 7  آلاف وربع البصل 15 ألف ورطل الزيت 6 آلاف فيما يبلغ سعر عبوة زيت الطعام 1 لتر 10 آلف فيما يتراوح سعر كيلو الدقيق بين 4 إلى آلاف. 

وذكر أنه يتم استخدام الفحم بدلًا عن الغاز، موضحًا أنه يتم بيعه بكمية بسيطة ويبلغ سعره ألفي جنيه، ومع ذلك يكفي لعمل الشاي فقط. كما يشير إلى توفر بعض الخضروات في السوق مثل الرجلة والخدرة.

مواطنون يقطعون الأشجار لاستخدامها في طهي الطعام

وأكد عدم وجود قدرة شرائية لدى المواطنين تمكنهم من شراء حاجياتهم من سوق العرب، ما عدا أولئك الذين تصلهم تحويلات مالية من أقاربهم داخل وخارج السودان.

يأتي كل ذلك في ظل انقطاع الكهرباء منذ شهرين حيث أرجع المصدر ًالسبب إلى عدم تمكن فريق الصيانة من الوصول إلى الحلفايا التي يرتكز فيها الجيش وتشهد اشتباكات مستمرة عند منطقة درة بحري، لافتاً إلى أن الكهرباء لن تعود ما لم يستعيد الجيش منطقة شمبات.

مواطنون في انتظار الطعام

شهادات من مدني المنسية تكشف عن تراجع عاصمة الجزيرة عقودًا إلى الوراء

ملاذ حسن

ملاذ حسن

في نهار 18 ديسمبر 2023 اقتحمت قوات الدعم السريع مدينة ود مدني من الجانب الشرقي عبر جسر حنتوب بعد انسحاب الجيش منها. ومنذها، يومًا بعد يوم، لم تعد تلك المدينة التي عرفها سكانها، أو أولئك الذين يكنون لها المحبة. 

وكانت مدني التي يبلغ عدد سكانها قرابة 700 ألف شخص تستضيف معظم وكالات الأمم المتحدة والمنظمات العاملة في السودان بعد تدهور الأوضاع الأمنية في العاصمة الخرطوم، بينما كانت ملجأ لمئات الآلاف من نازحي الخرطوم قبل أن تدفعهم الأحداث الأمنية الجديدة إلى الفرار مرة أخرى حيث نزح أكثر من 300 ألف شخص مع بدء القتال فيها.

وقبل سيطرة الدعم السريع عليها كانت ود مدني التي تقع وسط السودان تضج بالحياة، لكنها اليوم، وبعد ما يقارب العام من سيطرة الدعم السريع عليها أصبحت مدينة أشباح واختفت مظاهر الحياة فيها، حيث يعاني ما تبقى من السكان الذين آثروا البقاء فيها، من غلاء الأسعار وصعوبة في المعيشة والحصول على العلاج وأبسط الخدمات ومقومات الحياة.

اثنان من سكان مدني تحدثوا لـ«بيم ريبورتس» نهاية الأسبوع الماضي، ورسما صورة قاتمة لحياة قاسية وجحيمية الطابع وأوضاعًا معيشية متردية يحياها الآلاف تحت سلطة قوات الدعم السريع وإدارتها المدنية. المصدران اللذان تحدثا إلينا وهما عضو غرفة طوارئ وسيدة من مواطنات مدني انتهزا فرصة نادرة للتواصل مع العالم الخارجي عندما أتيح لهما استخدام الانترنت الفضائي «ستارلينك» بعد مدة طويلة من الانقطاع.  

وقال عضو غرفة الطوارئ إن سيطرة قوات الدعم السريع على منطقة تمبول شرقي الجزيرة، أثرت سلبًا إذ أنها كانت تمد غالبية مناطق الجزيرة بالمؤن الغذائية وغيرها من الاحتياجات. 

وأضاف أن هناك أسواقًا بديلة تم تشغيلها داخل المدينة، وهي «سوق جزيرة الفيل، سوق حلة محجوب، سوق عووضة، سوق مارنجان»، بالإضافة إلى جزء من السوق الصغير في مدني جنوب.

وأوضح أن بعض السلع يتم جلبها من المنهوبات والمسروقات من سنجة والخرطوم وتمبول.

وأشار إلى أنه تمت تغذية الأسواق المحلية بكمية من السلع المنهوبة بعد إغلاق طريق تمبول، قبل أن يؤكد أن هذا الانخفاص سيكون مؤقتًا بسبب كون المصدر الأساسي – سوق تمبول – تم نهبه، لافتاً إلى أن السلع التي دخلت إلى أسواق مدني خلقت حالة من الركود.

 وفيما يتعلق بالتداول النقدي، كشف عن وجود مشكلة سيولة نقدية حاليًا في المدينة، موضحًا أن غالبية السلع تجلبها قوات الدعم السريع وتقوم ببيعها للمواطنين، لكن عبر الكاش وليس عبر التطبيقات المصرفية.

وقال المصدر إن المواطنين الذين يحاولون جلب السلع بأنفسهم يتعرضون للنهب في ارتكازات الدعم السريع الكثيرة، أو بواسطة لصوص متخصصين في السرقة.

وأكد أنهم يعانون في الحركة بسبب حالات النهب سواء للنقد أو البضائع بعد الشراء، وتابع “الطريق غير آمن والوصول للسلع غير متوافر”.

 

 وأوضح أن  مدينة ود مدني بها  مايزيد عن  25 تكية بينها مجموعة تكايا في (حنتوب ،وفي جزيرة الفيل،وحي ناصر ،والحلة الجديدة،وحي المدنيين، والكريبة).

 

وفيما يخص الأدوية والعقارات الطبية، ذكر المصدر أن هناك ندرة وشح في الأدوية بشكل كبير، خاصة علاجات الملاريا والأطفال، وندرة نسبية في أدوية الأمراض المزمنة والنفسية.

كذلك كشف عن وجود صيدليات تجارية شغلتها الدعم السريع، بالإضافة إلى تملكها عدد من المراكز التجارية. وعلى الرغم من ذلك، توجد صيدلية خيرية تم عملها بمبادرة من شباب مدني في مركز بانت بمدني جنوب.

كما أكد انعدام في لقاحات الأطفال ولقاحات مرض التتنس للحوامل ،وأمصال العقارب والسعر لأكثر من ثلاثة شهور وفق المصدر.

المصدر أكد أيضًا إن هناك مستشفيات ومراكز  تجارية قامت الدعم السريع بتشغيلها لفائدتها التجارية، بينها المستشفى البريطاني وسط مدني. كما كشف عن استمرار عمل مركز غسيل الكلى بتبرعات الشباب الموجودين في مدني.

لا كهرباء ولا غاز طبخ ومعاناة في الحصول على مياه الشرب

في جانب الخدمات، ما يزال التيار الكهربائي منقطعًا منذ 7 يونيو الماضي، بجانب المعاناة في الحصول على المياه النقية، حيث يتم الحصول عليها عبر الآبار باستخدام المولدات.

كذلك تعاني ود مدني من انعدام غاز الطبخ حيث اضطر السكان إلى الاعتماد على الفحم بشكل أساسي، كما يتم عمل جزء منه في المنازل، وأشار المصدر إلى وجود كمائن فحم في منطقة شرق مدني في جزيرة الفيل والمكي.

وضع أمني سيئ ولا وسائل للتنقل

إحدى مواطنات مدينة ود مدني قالت إنها تعاني من صعوبة في التحرك لاستجلاب المؤن والمواد بسبب الوضع الأمني وازدياد أسعار السلع بشكل كبير، كما أشارت إلى تحليق طيران الجيش بشكل أكبر مؤخرًا موضحةً أن ذلك حرمهم من القدرة للذهاب لشراء السلع.

وأكدت عدم وجود وسائل للتنقل، باستثناء عربة الكارو، وقالت إن أسعار السلع في ازدياد مع ارتفاع أعداد الوافدين من مناطق أخرى من الجزيرة لود مدني.

وقالت إن سعر لتر الزيت 9 آلاف جنيه سوداني، والكيلوجرام الواحد من السكر بين 6-7 ألف جنيه، أما الأرز بلغ سعره 6 آلاف جنيه.

وأكدت معاناة المواطنين من الجوع والفقر، وأن بعضهم يظل لمدة يومين بدون غذاء، موضحة أن الغالبية من أرباب الأسر إما معاشيين أو موظفين لم تصرف رواتبهم، أو تمت سرقة كل ما يمتلكون من الدعم السريع.

وذكرت أنها ووالدتها تعرضتا إلى وعكة صحية واضطرتا لشراء العلاج من صيدلية قريبة منهم، مشيرة إلى وجود صيدليات تعمل في مدني، لكن دون أطباء. وقالت إن سعر صندوق أقراص (البندول) يبلغ ألفي جنيه.

 

وفيما يتعلق بالمستشفيات أوضحت أن المستشفى البريطاني بمدني يستقبل حالات مشيرةً إلى غلائه مستشهدة بسعر عمليات الولادة القيصرية الذي يبلغ 500 جنيه.

وعند سؤالنا لها بشأن التفاصيل الأمنية وتعامل الدعم السريع مع المواطنين قالت إنها لا تستطيع أن تعكس لنا ذلك بسبب مراقبة مستخدمي الإنترنت . 




عنف «الدعم السريع» والأمراض الوبائية يسرقان حيوات سكان الهلالية

ملاذ حسن

ملاذ حسن

7 نوفمبر 2024 – بينما كانت منطقة الهلالية شرقي ولاية الجزيرة وسط السودان تعيش تحت وطأة عنف قوات الدعم السريع من قتل وحصار ونهب وتدمير منذ اقتحامها لها في 29 أكتوبر الماضي، تضاعفت مأساتها بتفشي حالات التسمم والأمراض الوبائية بما في ذلك الكوليرا. حينها لم يكن بالإمكان إنقاذ مئات المرضى، بسبب تدمير ونهب المستشفى والمراكز الصحية، ما أدى إلى وفاة العشرات، حسبما أكد مصدر صحفي من أهالي المنطقة لـ«بيم ريبورتس»، واللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان في بيان أصدرته أمس الأربعاء.  

وتجئ انتهاكات قوات الدعم السريع في شرقي الجزيرة عامةً وفي منطقة الهلالية بشكل خاص، في ظل انقطاع خدمات الاتصالات والانترنت، وسحب أجهزة الإنترنت الفضائي «الإستارلينك».

وقال الصحفي محمد احمد الفاضل إن مستشفى أم ضوًابان جنوب العاصمة السودانية الخرطوم استقبل حوالي 150 حالة إصابة بالكوليرا للنازحين من المنطقة هربًا من انتهكات الدعم السريع هناك.

ووصف الفاضل ما يحدث في الهلالية، بأنه موت للمواطنين بالجملة نتيجة لحالات يصفها البعض بالتسمم الغذائي، لافتًا إلى أن بعض الروايات تشير إلى أن التسمم بسبب مبيد حشري زراعي تم تناوله مع الوجبات.

 ومع ذلك، أكد أن الاحتمال الأرجح هو أن حالات الوفيات جاءت نتيجة وباء الكوليرا، مشيرًا إلى أن ذلك يؤكده وصول 150 حالة إلى مستشفى أم ضواًبان تم تشخيصها، على انها حالات إصابة بوباء الكوليرا.

وأوضح أن ما يُصعب التشخيص في الهلالية عمليات النهب الواسعة التي طالت المستشفى والمراكز الصحية الخاصة والصيدليات ومركز غسيل الكلى، كاشفًا عن أنه يتم نشر ما يزيد عن 12 حالة وفاة يوميًا في مجموعات أهالي الهلالية والإعلان عنهم، بعد التأكد من ذويهم.

وأشار كذلك إلى أن أرقام الوفيات المنشورة والمتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن الضحايا في أوساط سكان الهلالية أقل بكثير من الإحصائيات الحقيقية على الأرض، وذكر أنه تأكد من دفن قرابة 25 شخصًا في يوم واحد قبل أسبوع جراء التسمم.

واعتبر أن ما يحدث من قوات الدعم السريع في الهلالية هو عملية انتقام، مشيرًا إلى أنه تم نهب وتكسير كل المعدات الخدمية والطاقة الشمسية المعتمدة عليها الآبار في توليد المياه، بالإضافة إلى جميع المخازن ومعظم المنازل.

وذكر أن المواطنين اضطروا لشرب مياه الآبار الموجودة منذ عشرات السنين، لعدم استطاعهم الوصول إلى مورد مياه النيل الأزرق، مضيفًا «يبدو أن الآبار هي سبب الوفيات العديدة التي بلغت حوالي أكثر من 70 حالة حسب المرصود، بما في ذلك الذين قتلو بالرصاص».

وأوضح أن الأطباء والكوادر الصحية من أبناء المنطقة الذين لا زالوا موجودين داخل الهلالية، قاموا بعمل جولات على الأهالي، في محاولة لتقديم خدمات طبية، لكنهم لم يكن لديهم أي معينات، ولا حتى أملاح تروية. وتابع «الجميع ماتوا بالكوليرا وحتى النازحين الناجين اتجهوا نحو المجهول».

لجنة أطباء السودان: وفاة أكثر من 73 شخصًا

في السياق، قالت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان،  إن «منطقة شرق الجزيرة تعاني من كارثة إنسانية متفاقمة ومن حملة الجنجويد الانتقامية»، مشيرة إلى أن الإسهالات المائية تحصد أرواح مواطني الهلالية والمناطق المجاورة.

 

وأكدت في بيان أن مناطق شرق الجزيرة تواجه كارثة إنسانية متفاقمة، نتيجة لهجمات عنيفة ومستمرة تشنها مليشيا الدعم السريع، وأن المنطقة تشهد حملة انتقامية ممنهجة تستهدف المدنيين، مما أدى إلى مقتل وترحيل الآلاف وتهجيرهم قسريًا. 

 

وأضاف البيان أن الوضع الصحي في المنطقة تفاقم بشكل مقلق حيث تفشت الإسهالات المائية في مدينة الهلالية والمناطق المجاورة، ويحتجز من تبقى من سكانها في المساجد مما أدى إلى وفاة أكثر من 73 شخصًا حتى الآن.

 

 ويعاني مستشفى الصباغ الريفي، الذي يعد المحطة الرئيسية لتقديم الرعاية الطبية للنازحين، من تدفق هائل للمرضى يفوق طاقته الاستيعابية، بالإضافة إلى نقص حاد في الكوادر الطبية والأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية.

مجازر وحشية

في السياق، قال حزب المؤتمر السوداني-ولاية الجزيرة، في بيان الخميس، إنه يتابع الوضع المأساوي الذي تعيشه مدينة الهلالية، شرق ولاية الجزيرة، حيث تتعرض منذ أيام لحصار خانق وهجمات مستمرة من قبل قوات الدعم السريع، «في مشاهد تقشعر لها الأبدان وتزيد من عمق مأساة الحرب على بلادنا».  

 

وأكد البيان سقوط العشرات من الضحايا الأبرياء في مدينة الهلالية نتيجة إطلاق الأعيرة النارية، وتدهور الحالة الصحية ونقص الغذاء والدواء، إضافة إلى انتشار موجة من التسمم الغذائي والكوليرا، ما أدى إلى وفاة عدد من المواطنين والمواطنات، بينهم أطفال ونساء وكبار في السن. 

 

وبحسب البيان «فقد بلغ عدد الضحايا الذين روت دماؤهم أرض الهلالية أكثر من سبعين، في وقت تعاني فيه المدينة من ظروف صعبة وحرجة تنذر بالمزيد من الكوارث».  

 

وأدان البيان بشدة المجازر الوحشية التي ترتكبها قوات الدعم السريع، معتبرًا أن الحصار المفروض على المدينة يعد انتهاكًا صارخًا للحقوق الإنسانية وجرمًا ضد كل الأعراف والقوانين الدولية. 

 

وحمل البيان قوات الدعم السريع المسؤولية الكاملة عن هذه الكارثة الإنسانية، مشددًا على ضرورة وقف هذه الممارسات القمعية والإجرامية التي تطال المدنيين العزل.  

 

كما دعا المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان إلى التدخل العاجل لتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، ومطالبة الأطراف المتورطة بإنهاء حصار المدينة فورًا، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية والأدوية لإنقاذ الأرواح والحد من انتشار الأمراض.

ورأى البيان أن صمت المجتمع الدولي أمام هذه الجرائم يعُدّ تواطؤًا لا مبرر له. 

حملة انتهاكات ممنهجة شرقي الجزيرة

وبدايةً من 20 أكتوبر الماضي شنت الدعم السريع حملة انتهاكات ممنهجة ضد المواطنين بشرق وشمال الجزيرة، في أعقاب انشقاق قائدها السابق بولاية الجزيرة، أبو عاقلة كيكل، وانضمامه للجيش.

 

ونشرت الدعم السريع قواتها في كل وحدات شرق الجزيرة: (تمبول، ريفي رفاعة، رفاعة، الهلالية وود راوة)، بالإضافة إلى قرى السريحة وأزرق في الكاملين شمالي الجزيرة.

 

وبتاريخ 29 أكتوبر الماضي قالت لجان مقاومة مدني إن مواطني مدينة الهلالية شرق الجزيرة  يتعرضون إلى اقتحام شرس و استباحة من قبل مليشيا الجنجويد  ما أدى  إلى مقتل أكثر من 4 أشخاص وإصابة العشرات وتم نهب منازل المواطنين واعتقالهم.

 

فيما قال شهود عيان وقتها لـ«بيم ريبورتس» وقتها إنه تم نهب منطقة الهلالية بشكل كامل بدايةً من حي الشاطئ وحتى حي الشكرية، بعد محاصرتها من أربعة اتجاهات.